عادي

خليفة.. قائد التمكين لمسيرة فخر تتناقلها الأجيال

00:24 صباحا
قراءة 7 دقائق
رئيس الدولة
قائد التمكين
قائد التمكين

إعداد: جيهان شعيب

تأسيس الدولة قصة فخر وعزة وشرف، لا تزال تتناقلها أجيال إمارات زايد الخير، الباني، والمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي حول الصحراء إلى حدائق غنّاء، ليرسي كيان دولة شامخة تعد محل اعتزاز وتباهي من أبنائها والمقيمين فيها، وموضع حلم وتمني من دول عدة أضحت تتطلع إلى تجربة إمارات التميز في البناء، والإنجاز، والتحضر، والتطور بعين مملوءة بتمني أن تصل يوماً ما إلى ما وصلت إليه، وحققته هذه الأرض الطيبة.

وتواصلت قصة الأرض الطيبة، فبعد التأسيس، جاء التمكين، لتتوالى أمجاد دولة الحكمة، على يد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله؛ حيث أكدت مرحلة التمكين التي أطلقها سموه، ضرورة التكامل بين إمارات الدولة في جميع المجالات، بما يعزز مسيرة الازدهار الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة، وتضمنت كلمات صاحب السمو رئيس الدولة، رؤاه، وسعة بصره وبصيرته، وخطته المنشودة، وهدفه في تنفيذ التمكين، ومنها قوله: «مشروع التطوير الطموح الذي نستشرفه لدولتنا اليوم، هو مشروع نهضوي واسع الأفق، لا يختزل الحياة في اقتصارها على أهميته، وإنما يتجاوز ذلك للأخذ بالأبعاد الثقافية، والمجتمعية، والمعنوية، والنفسية، فالتنمية إلى جانب دورها في تعزيز الإنتاجية، ودفع النمو، وتحسين الدخل، ورفع مستوى المعيشة، فإن نجاحها الفعلي يقاس بقدرتها على تعزيز قدرات الإنسان، وتمكينه من عيش حياة أكثر أمنا، واحتراماً، وحرية، ومشاركة، وعطاء في بيئة خالية من التهديد والمخاطر هذا هو جوهر التحول المنشود وهذا هو مقصد التمكين».

وأيضاً من كلماته: «وآمالنا لدولتنا لا سقف لها، وطموحاتنا لمواطنينا لا تحدها حدود، وتوقعاتنا للمستقبل تزداد يقيناً، ونحن نستقبل عهداً جديداً يعكس رؤى وطنية طموحة لمرحلة آخذة في التشكل تدريجياً، تكريساً لمبادئ أعلنا عنها واعتمدها المجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء، ميثاق عمل، وخريطة طريق لمرحلة سمتها الشورى، وسيادة القانون ونهجها تحديد المسؤوليات، وتفويض السلطات، والمساءلة، وغايتها إقامة العدل، وتمكين كل أفراد هذا المجتمع من الإسهام الفاعل، والمشاركة الإيجابية في صنع المستقبل».

هذه كانت ولا تزال بنود التمكين التي جاءت في 12 فبراير عام 2007، في خطاب افتتاح سموه الدورة الجديدة للمجلس الوطني الاتحادي، ومنها أيضاً قوله: «إننا نتابع بكل الفخر خطى التمكين، والنهضة، والإصلاح المتسارعة، ونراقب برضى كامل برامج التطوير، وإعادة الهيكلة الجارية، ومشروعات التنمية، تأسيساً لمنظومة الحكم الجيد، والإدارة الرشيدة، والحكومة الكفء، التي هي رأس الرمح في استراتيجية التمكين، وإن قمة ما نسعى له من المشروع النهضوي الذي نأمله لدولتنا هو تحويل الرؤية التطويرية بما تتضمنه من معان، ومبادئ، ومفاهيم إلى استراتيجيات عمل، وقيم سلوكية، يمارسها المواطن في حياته اليومية، وينتصر لها، ويدافع عنها، ويصون مكتسباتها، وهذه غاية التمكين وهي قمة المسؤولية والولاء».

تنمية متوازنة

ولم يكن سموه منذ انتخابه رئيساً للدولة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، إلا ساعياً بقوة في تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة، وضمان الرخاء وتمكين المواطنين، وتأمين حياة كريمة لهم، علاوة على إطلاق مشاريع التنموية، والتركيز بشكل أساسي على النهوض بقطاعات الصحة، والتعليم، والخدمات الاجتماعية، ومشاريع إسكان وطنية، فضلاً عن إطلاق سموه مبادرة لتطوير السلطة التشريعية، بتعديل آلية اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بما يجمع بين الانتخاب والتعيين، ومن ثم عزز سموه حضور المرأة برلمانياً بتخصيص نصف مقاعد المجلس لها، وهنا تأكيد من سموه، المواصلة في دعم المرأة: «إننا سنواصل العمل على نهج القائد في توفير كل الدعم والمساندة للمرأة، وإتاحة كل الفرص أمامها للمشاركة في مختلف مجالات العمل الوطني، ولقد جعلنا تمكين المرأة أولوية وطنية ملحة، وبفضل هذا التخطيط السليم، أصبح لدولتنا سجل متميز في مجال حقوق المرأة، فهي تتمتع بكامل الحقوق وتمارس الأنشطة جميعها من دون تمييز، والأبواب جميعاً مفتوحة أمامها، لتحقيق المزيد من التقدم والتطور»، علاوة على منح المرأة الفرصة في تقلد المناصب الوزارية، والدبلوماسية وغيرها؛ حيث حققت المرأة في الدولة مكاسب وطنية كبيرة بمشاركتها في السلطات السيادية الثلاث التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وبذلك حظيت المرأة بمكانة مهمة في التمكين؛ حيث في عام 2008 أصدر سموه قراراً بتعيين أول قاضية إماراتية.

إلى جانب ذلك وبتوجيهات سموه تم استحداث وزارة تعنى بشؤون العمل البرلماني، وهي وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي الذي يتكون من 40 عضواً، في إطار برنامج شامل للإصلاح السياسي أطلقه سموه بهدف تعزيز مشاركة المواطنين في العمل الوطني، مؤكداً سموه «أن التدرج في الممارسة البرلمانية، تعبير عن خصوصية التجربة السياسية لدولة الإمارات، وأن تلك السياسة التي أرسى قواعدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أسهمت في توفير الاستقرار والازدهار للتجربة الاتحادية، ودعمتها، وأن هذه الخطوة على طريق الإصلاح السياسي، تنبع من إرادة وطنية خالصة لدولة الإمارات، قائلاً سموه: «إننا في دولة الإمارات نتخذ قراراتنا، ونبني سياساتنا، ونتبنى خياراتنا، وفقاً لمقتضيات المصلحة الوطنية، والثوابت القومية، وتجاوباً مع طموحات، وتطلعات مواطنينا».

مجلس للتوطين

ومما يدلل على نضج الوعي الفكري، والرؤية الثاقبة لسموه في تحقيق التمكين، مجموعة من القرارات والمواقف المهمة؛ حيث أصدر عام 2005، بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي، قانوناً بإنشاء مجلس أبوظبي للتوطين، الذي تولى مهمة دعم وتطوير استراتيجيات، وخطط التوطين في القطاعين العام والخاص، ومن ثم في العام ذاته أصدر سموه مرسوماً بتأسيس الشركة الوطنية للضمان الصحي، التي تتولى تقديم خدمات الضمان الصحي لجميع المواطنين والمقيمين في الإمارة؛ حيث أولت مرحلة التمكين التي أطلقها سموه أهمية قصوى لدور المواطنين في إنجاز المشروع النهضوي الذي تتطلع إليه الدولة، مؤكداً سموه أن الوطن دون مواطن لا قيمة له ولا نفع منه مهما ضمت أرضه من ثروات وموارد، إلى جانب أن حرص سموه على تمكين المواطن، ومنحه دوراً في قيادة التحولات التي تشهدها الدولة، تجلى في قوله: «إن رؤيتنا للنهوض بالبلاد ترتكز بالدرجة الأولى على الارتقاء بالكفاءات الوطنية الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في بناء هذا الوطن الغالي»، عدا ذلك فقد حرصت استراتيجية الحكومة الاتحادية على تنفيذ برامج عدة لتنمية الموارد البشرية وتأهيلها وإعداد المواطنين للمشاركة الإيجابية في المرحلة المقبلة، فضلاً عن تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في كلمته في إعلان استراتيجية الحكومة: «إن المواطن كان وما زال محور سياسات ومشاريع الدولة وقيادتها الرشيدة ولم تتأخر الدولة يوماً عن بذل كل الجهود والإمكانيات المتاحة لتنمية مجتمع الإمارات وإنسان الإمارات، ونحمد الله على ما وصلت إليه الإمارات من مكانة وما حققته من تقدم في كافة المجالات».

فرص عمل

وفي عام 2009 تم إصدار قانون إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، مدشناً بذلك البرنامج النووي السلمي الهادف إلى إنتاج الكهرباء، ودعم التنمية الاقتصادية، وتوفير العديد من فرص العمل للمواطنين، أما في عام 2010 فأصدر سموه مرسوماً اتحادياً بإنشاء الهيئة الوطنية للمؤهلات، وتتبع مجلس الوزراء، وتعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على إنشاء وتطوير منظومة وطنية للمؤهلات العلمية في الدولة، من خلال رسم خطط وسياسات بهذا الشأن، وكان سموه ولا يزال، حفظه الله، موقناً– وفقاً لقوله- بأن دعم هذه التحولات التي نتطلع إليها تتطلب منا جميعاً وعياً، ووحدة، وترابطاً، وتوجيهاً للجهد نحو استقطاب وتأهيل وتحفيز الكفاءات المواطنة المتميزة، إعداداً لجيل جديد من القيادات الشابة المؤمنة، بفلسفة التطوير، ومؤازرة برامج التغيير والوعي بطبيعة مسؤوليات المرحلة، وإدراك مفاهيم الخدمة العامة، والقدرة على القيادة، وإدارة الثروة الوطنية بكفاءة واقتدار، وتلك خطوات تأسيسية أولى في طريق طويل، لكن من المؤكد أنه اليوم أقصر مما كان عليه حين بدأنا فالرؤية الآن أكثر جلاء والتغيير نحو الأفضل يجرى بوتيرة أكثر تسارعاً».

مبادرات متفردة

حرص صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، على إطلاق مجموعة من المبادرات المتميزة، التي تؤكد ريادة الدولة في تحقيق التمكين، ففي عام 2011 أمر سموه بإنشاء «صندوق خليفة لتمكين التوطين»، بهدف توفير الموارد المالية اللازمة لدعم برامج وسياسات تشجع المواطنين على الالتحاق بسوق العمل، خاصة القطاع الخاص، وتمكينهم من استغلال فرص العمل التي يتيحها لهم هذا القطاع، وتوفير التمويل اللازم لتنفيذ حزمة من الحوافز التي تسهم في تحقيق هذا الهدف.

وفي عام 2012 أصدر سموه مرسوماً بإنشاء «كلية الدفاع الوطني» التي تختص بإعداد وتأهيل القيادات العسكرية والمدنية، ورفع قدراتهم على تحديد وتقييم تحديات الأمن الوطني والإقليمي والدولي.

وفي عام 2014 دخلت الإمارات بشكل رسمي السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، عبر إعلان سموه إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، بقيادة فريق عمل إماراتي، في رحلة استكشافية علمية تصل إلى الكوكب الأحمر خلال السنوات السبع المقبلة، وتحديداً في عام 2021.

وفي عام 2015 اعتمد سموه السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم، والتكنولوجيا، والابتكار، وتضمنت 100 مبادرة وطنية في القطاعات التعليمية، والصحية، والطاقة، والنقل، والفضاء، والمياه، ويصل حجم الاستثمار فيها أكثر من 300 مليار درهم.

في عام 2016 أصدر سموه أول قانون من نوعه للقراءة يضع أطراً تشريعية، وبرامج تنفيذية، ومسؤوليات حكومية محددة لترسيخ قيمة القراءة في الدولة بشكل مستدام.

حدد سموه 2017  عاماً للخير في دولة الإمارات، ليركز العمل خلاله على محاور ثلاثة رئيسية، هي ترسيخ المسؤولية المجتمعية في مؤسسات القطاع الخاص، لتؤدي دورها في خدمة الوطن، والمساهمة في مسيرته التنموية، وترسيخ روح التطوع وبرامجه التخصصية في فئات المجتمع كافة، لتمكينها من تقديم خدمات حقيقية للمجتمع، والاستفادة من كفاءاتها في المجالات كافة، وترسيخ خدمة الوطن في الأجيال الجديدة كإحدى أهم سمات الشخصية الإماراتية. 

ووجه سموه بأن يحمل عام 2018 شعار «عام زايد»، لتصبح مناسبة وطنية للاحتفاء بالقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بمناسبة ذكرى مرور مئة سنة على ميلاده، ولإبراز دوره في تأسيس وبناء الدولة، مع بيان إنجازاته المحلية والعالمية.

وأعلن سموه أن 2019 سيكون عاماً للتسامح، لإبراز الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وتأكيد قيمته في كونه امتداداً لنهج الشيخ زايد المؤسس، وعملاً مستداماً، يهدف إلى تعميق قيم التسامح، والحوار، وتقبل الآخر، والانفتاح على الثقافات المختلفة.

رؤية متميزة

تركزت رؤية برنامج خليفة للتمكين في الريادة في إعداد مبادرات وطنية تتوافق مع المعايير والتنافسية الدولية في تمكين المجتمعات، واندرجت رسالته في أنه برنامج عالمي يسعى إلى توحيد الجهود المحلية، والدولية، لبناء كوادر وطنية واعية، محصنة ذاتياً، وقادرة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.

وفي سياق متصل أكد تقرير التنافسية الدولية للمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» لعام 2013-2014، أن الدولة تصنف في المركز الثالث عالمياً في مؤشر ثقة المواطنين بالقادة السياسيين فيها، من بين 148 دولة في العالم.

كما صنّف تقرير المسح الثاني للأمم المتحدة لمؤشرات السعادة والرضا بين شعوب العالم لعام 2013، دولة الإمارات في المركز الأول عربياً، والرابعة عشرة عالمياً، التي حققت السعادة والرضا لمواطنيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"