«ليه لأ؟!» يكسر «التابوه»

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

تضعك بعض الأعمال في حيرة، حين ترغب في التحدث عنها، فهل تبدأ من القصة أم من الإخراج أم تفرد مساحات أكبر للتمثيل؟ خصوصاً إذا كانت البطلة مميزة، قوية، متمكنة من أدواتها، وقد بلغت مرحلة من النضوج؛ تجعلها من أفضل الممثلات الشابات؟ هل تتحدث عن منة شلبي فقط، وهي تستحق أن تفرد لها مساحة كافية، أم مريم أبو عوف المخرجة التي صارت علامة للأعمال الجديدة والمميزة قلباً وقالباً، أم عن مريم نعوم التي تقدم للدراما من خلال ورشة الكتابة الخاصة بها، مجموعة من الكتّاب الذين يطرحون أفكاراً جديدة وجريئة، مثل دينا نجم التي كتبت سيناريو وحوار مسلسل «ليه لأ؟!» في جزئه الثاني؟
 طبيعي أن يحقق هذا المسلسل الذي تعرضه منصة «شاهد» أعلى نسبة مشاهدة لديها، فبعد نجاح الجزء الأول الذي كانت بطلته أمينة خليل، يأتي الجزء الثاني بقصة مختلفة تماماً ومنفصلة عن الأولى؛ لكنه يستمر على نفس نهج «كسر التابوه» في المجتمع، والتحلي بالجرأة الكافية؛ لتحقيق الذات ولو بشكل مختلف عن الروتين وعن السائد بين الناس، والمهم أنه لا يؤذي أحداً، ولا يخرج عن القانون.
دينا نجم قدمت فكرة جديدة لم يسبق أن شاهدناها على الشاشة؛ وهي كفالة اليتيم أو أحد الأطفال الذين يوجدون في دار الأيتام، من قبل فتاة عزباء، والكفالة هنا لا تقتصر على دعمه مادياً وزيارته وهو في الدار؛ بل احتضانه بشكل كامل وبأوراق رسمية؛ تسمح للفتاة بإحضاره إلى منزلها، ليعيش معها كابن لها. المجتمعات العربية بعيدة عن فكرة احتضان فتاة لم يسبق لها الزواج، و«ما زالت تحت نصيبها» لطفل وتربيته بشكل كامل ووحدها، فكيف «سيهجم نصيبها» وهي مسؤولة عن طفل تعيله وتتحمل مسؤوليته؟ من سيقبل الارتباط بها حتى وإن كانت طبيبة عيون مثل الدكتورة ندى في المسلسل (منة شلبي)، وهي على مشارف الأربعين من العمر؟
العمل مكتوب بسلاسة ورشاقة، مقنع بتسلسل أحداثه، والصدفة التي وضعت الطبيبة ندى في موقف محرج عندما وجدت نفسها فجأة ملزمة بطفلة حديثة الولادة أربكتها وأخلّت بميزان حياتها، هي التي أيقظت فيها الرغبة في أن تصبح أماً قبل فوات الأوان! فماذا تفعل؟ هل تنتظر العريس أم تقبل بأي رجل حتى ولو لم يكن مناسباً لها؟ صورة مريم أبو عوف مشرقة، سواء كان تصويرها خارجياً أم داخلياً. تستمتع بالمشاهدة، تحب الصورة وكل ما في الكادر، حتى تفاصيل ملامح الوجوه، والأهم هو حسن اختيار المخرجة للممثلين حتى الجدد وغير المشهورين.
إلى جانب منة شلبي المقنعة جداً بشخصية ندى، يبرز الطفل سليم مصطفى بدور يونس والذي يمثل لأول مرة، لكن موهبته وبراعته في التمثيل تجعلان الجمهور يتعلق به، ويتأثر بكلماته وبراءته وبكائه. الطفلة منى أحمد زاهر أيضاً موهوبة وقريبة من القلب..
المسلسل يعالج قضية شائكة بسلاسة ومتعة فنية جميلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"