«العالمية للصناعة والتصنيع».. وآفــاق جديــدة لتعزيــز الرقمنــة

23:26 مساء

تبشر الثورة الصناعية الرابعة بعصر جديد من النمو الصناعي والتكنولوجي في جميع أنحاء العالم، حيث تساهم التقنيات الرقمية المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وسلاسل الكتل (البلوك تشين)، والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، في تطوير وتسريع العمليات وتعظيم الإنتاج وتحسين أداء سلاسل التوريد وتعزيز التواصل بين البشر والآلات.
ولا شك في أن النمو الهائل في التقنيات الرقمية قد ساهم في تطور العديد من القطاعات، والقطاع الصناعي على وجه الخصوص، وبوتيرة تتسارع عاماً بعد عام. حيث بات واضحاً اليوم أن الشركات التي توظف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في أعمالها تتسم بقدرة أكبر على التعافي من الأزمات المستجدة، مثل أزمة وباء كورونا، مقارنة بالشركات التي تعتمد على الأساليب التقليدية في إدارة أعمالها.
وقد أصبح من الضروري أن تقوم الشركات والمجتمعات والدول بتوظيف الإمكانات الضخمة لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتعزيز السلامة ورفع الإنتاج وتحقيق الكفاءة الصناعية وابتكار الحلول للتحديات المختلفة التي نواجهها، مثل تغير المناخ، وتمهيد الطريق نحو الاقتصاد التدويري. ولا شك أيضاً في أن توظيف التقنيات المتقدمة في الأعمال والصناعات والخدمات سيساعدنا على تحقيق أهداف خطة 2030، خاصة الهدف التاسع الذي ينص على «توفير بنية تحتية مرنة، وتعزيز التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة وتشجيع الابتكار».
ومن الضروري أيضاً بذل كل الجهود لمحاولة سد الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والدول النامية، ودعمها بشكل أكبر حتى تتمكن من توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في أعمالها ولتتمكن من الازدهار. ويشير تقرير التنمية الصناعية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) في عام 2020، إلى أن عشرة اقتصادات، (معظمها في شمال العالم)، تستحوذ على ما نسبته 90% من براءات الاختراع، و70% من الصادرات المرتبطة بالابتكارات المتقدمة، في حين أن 88 دولة، (معظمها في جنوب العالم)، لديها مشاركة قليلة أو معدومة في هذا القطاع، سواء كمستهلكين أو منتجين، الأمر الذي يشير إلى اتساع الفجوة الرقمية. كما أن العالم يشهد تباينات كبيرة في البنية التحتية الرقمية، حيث تظهر الأرقام الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات في عام 2019، أن 85% من الأسر في أوروبا تملك اتصالًا بشبكة الإنترنت، في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى نحو 14% فقط في إفريقيا. وفي حال استمرت أوجه عدم المساواة هذه، أو اتسعت، فلن نتمكن من القضاء على الفقر في جميع أنحاء العالم، وهو الهدف الشامل لخطة 2030، ولن نتمكن من تعزيز دور المرأة في الصناعات الرقمية، الأمر الذي يثير الكثير من القلق على المستوى العالمي.
وتعمل «اليونيدو» على تسخير مواردها وخبراتها وشراكاتها والفعاليات التي تنظمها لدعم جهود توظيف وتبنّي تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة للجميع.
وفي عام 2019، عقدت منظمة «اليونيدو» مؤتمرها العام الثامن عشر للتنمية الصناعية في دولة الإمارات، الشريك القوي لمنظمة «اليونيدو»، لمناقشة سبل تحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة وتحديد السياسات العامة للمنظمة. وشهد المؤتمر أيضاً اعتماد الدول الأعضاء في«اليونيدو» إعلان أبوظبي التاريخي الذي دعا إلى تشكيل تحالفات وثيقة بين القطاعين، العام والخاص، لتعزيز الابتكار في مختلف المجالات، بما في ذلك خلق فرص العمل وتطوير البنية التحتية وخفض انبعاثات الكربون ونقل التكنولوجيا. ويؤكد الإعلان التزام دولة الإمارات بتسخير التقنيات المتقدمة وتعزيز الشراكات العالمية لبناء اقتصاد تدويري مستدام.
وفي عام 2020، قامت «اليونيدو» بإنشاء قسم خاص للرقمنة والتكنولوجيا والأعمال التجارية الزراعية لدعم الدول الأعضاء في عملية توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وقد باشرت المنظمة العمل في العديد من مشاريع التعاون الفنية، بما في ذلك مشروع «إنترنت الأشياء» في كينيا في عام 2020، الذي يتم فيه توظيف «إنترنت الأشياء للمساعدة في توفير الطاقة الحرارية الأرضية، كما قامت المنظمة بالتعاون مع مجموعة من الشركاء في غانا بتوظيف تقنية سلاسل الكتل (البلوك تشين) لتتبع سلاسل القيمة الخاصة بمحصول الكسافا، واستخدمت المنظمة تقنية الواقع المعزز الافتراضي لتسهيل تبادل الخبرات بهدف تطوير البنية التحتية، وفي ناميبيا، اعتمدت المنظمة على صور الأقمار الصناعية لوضع خطة لإبطاء عملية التصحر وتعزيز الإمدادات الغذائية، كما عملت المنظمة مع شركاء في الصين لتوظيف الروبوتات لتوصيل الطعام وإمدادات الطوارئ للعاملين في المستشفيات. ويقوم موظفونا حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على منهجية لتقييم مدى إمكانية استخدام تقنية سلاسل الكتل (البلوك تشين) لتتبع سلاسل القيمة في الدول النامية.
وفي ما يتعلق بدعم السياسات، سيركز تقرير التنمية الصناعية القادم ل«اليونيدو» على التعافي من وباء كورونا، حيث سيوفر «مركز المعرفة» التابع للمنظمة ومنصة التحليلات الصناعية أحدث الأبحاث المتعلقة بأفضل السياسات المتبعة، فيما سيوفر «مرفق تنمية التعلم والمعرفة» التدريبات اللازمة لاكتساب المهارات المستقبلية.
وستساهم الدورة الرابعة من القمة العالمية للصناعة والتصنيع، والتي تقام تحت عنوان «الارتقاء بالمجتمعات: توظيف التقنيات الرقمية لتحقيق الازدهار»، في تحفيز عقد الشراكات واتخاذ الإجراءات وفتح أبواب الحوار بهدف تحقيق تنمية صناعية شاملة ومستدامة. وستعقد القمة على هامشها مجموعة من النشاطات والفعاليات، بما ذلك جلسات النقاش والكلمات الرئيسية والجلسات التفاعلية ومجموعات عمل وورش وجلسات نقاش داعمة للشباب ونشاطات خاصة بمبادرات القمة العالمية للصناعة والتصنيع.
ومع تطور تقنيات الثورة الصناعية الرابعة ودورها في تغيير أنماط عيشنا وعملنا، يجب على الحكومات توحيد قواها لمواصلة دعم الابتكار، نظراً لدوره الكبير في تحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة. وتتطلع كل من القمة العالمية للصناعة والتصنيع ومنظمة «اليونيدو» لتوفير مستقبل صناعي وتكنولوجي أفضل للجميع.
*المدير العام ومدير إدارة التجارة والاستثمار والابتكار في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المدير العام ومدير إدارة التجارة والاستثمار والابتكار في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"