نحن و«المختبر الكبير»

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

مررنا بتجارب «صحية» كثيرة، وعرف العالم أمراضاً وضعت القطاع الصحي في اختبار كبير، وكبرت تحديات العلماء، وصار للأبحاث دور مهم في تقييم الحياة على هذا الكوكب، وإصدار التقارير والتحذيرات والتوقعات.. وعشنا صراعات «تجارية» طويلة بين الشركات التي تصنّع الأدوية، والتي يكون دائماً ضحيتها المريض! وأذكر أننا مررنا بفترات.. كثر فيها التحذير من عقاقير تباع في الأسواق مخالفة للشروط الصحية، وتؤدي إلى الوفاة أو تتسبب بأمراض في الكلى أو القلب.. 
كل ما مررنا به تراجع أمام العملاق «كورونا» وتحوراته المتعددة، وآخرها «دلتا». ربما نحن لم نعد نكترث للتحذيرات من أدوية مزيفة تخدع الناس بإغراءات التنحيف أو الفيتامينات أو المسكنات.. وتباع في صيدليات وحتى في بعض محال السوبر ماركت وأماكن مخصصة لبيع المغذيات والمنشطات والتي لا نعرف كيف نصنفها فلا هي صيدلية ولا هي سوبر ماركت. صارت عيننا على المختبرات، أيها أفضل، وكل همنا أن رفيقنا الدائم «بي سي آر» يبقى الصديق الوفي، ويعطينا نتيجة «سلبية» عند كل اختبار وكل تحرك.
كنا نقول إن العالم مختبر كبير كتعبير مجازي حين تتصارع الشركات الكبرى وتتسابق لإغراء الناس فتقنعهم بضرورة الاتجاه نحو الأكل العضوي فترة، ثم نحو عمليات تنحيف من جهة، و«تكبير» من جهة أخرى، وشفط وتجميل.. الآن نعيش في مرحلة صار فيها العالم مختبراً كبيراً بحق، وصار اللهاث خلف المختبرات والتحاليل والاعتناء بالصحة لا الشكل، ضرورة مُلحّة، وهوس النظافة والتعقيم مرغوب؛ بل مطلوب.
نادراً ما كنت ترى طفلاً وشاباً يهتم لأي خبر يصدر عن هيئة صحية سواء داخل بلده أم عالمياً، حتى من الكبار لم يكن الكثير منهم ينشغل بمتابعة مثل هذه الأخبار والمستجدات، بينما اليوم تجد الطفل يحدثك عن كورونا والكمامة، وصارت «منظمة الصحة العالمية» أشهر من أن تُعرّف لدى الصغار والكبار، وزيارة المختبر أو المركز الصحي لم تعد صعبة ولا غريبة، وأخبار الوباء وتطوراته وتحركاته تتصدر كل يوم كل الصحف حول العالم.
نحن و«المختبر الكبير» نمر بمرحلة دقيقة، نعم تجاوزنا الأصعب فيها، وتمكنا من الوصول إلى لقاحات تحمي البشرية من الكارثة التي كانت تجتاح كل الدول وترعبنا، لكن الحذر يجب أن يبقى الجرس الذي يوقظنا كل صباح، ويلجم اندفاع الناس نحو المصايف والرغبة في الانخراط بشكل متهور، والانشغال بالمرح والاختلاط بالأهل والأصحاب بلا أي تباعد أو وقاية وحذر. 
نحن نعيش في «المختبر الكبير» وتواءمنا مع فكرة الاطمئنان على صحتنا وصحة أحبتنا باستمرار، والتعامل مع تحليل «بي سي آر» كالرفيق الذي لا بد من وجوده في حياتنا أينما ذهبنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"