الإمارات تجمع العالم

00:59 صباحا
قراءة 4 دقائق

د. منصور جاسم الشامسي *

استراتيجية «الإمارات تجمع العالم» التي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في اختتام أعمال القمة العالمية للحكومات المنعقد في دبي، فبراير 2023، تؤكد دور دولة الإمارات العربية المتحدة التنموي التقدمي الجَمالي العالمي، وهذا مُتسق مع طبيعتها ونشأتها الوحدوية، وتعكس وجود رغبة حقيقية في تحسين صورة العالم.

وكل هذا يعكس قيمة وقوة الحُب وتأثيره السحري في الحياة، وقيمة الألفة، وهذا يشمل كافة الأعمال، كما يؤكد قيمة الفعل بمستوى أعلى من المعرفة، والفعل هنا في هذه اللحظة هو جهد عالمي منظم مضاعف بامتياز لأجل تحقيق القدرة على الارتباط المتعدد وإتقان وإجادة فن الاتصال وخلق الشغف الكوني والإيمان والاعتقاد بالتعاون المشترك والإصرار على تحقيق الفارق والأفضل، وإن هذه الحكومات هي في النهاية موارد بشرية لا بد أن تكون مؤمنة بهذه القيم والأسس الجَمْعيّة الجماعية الجامعة الائتلافية المشتركة. وهذا هو العقل الجمعي والتفكير الجماعي القادر على خلق الثقة العالمية الواحدة والمتبادلة وتقديم العلاجات الممكنة لكافة التحديات التي تواجهها البشرية، خاصة في ظل عالم مُتغير.

قال سموه «اختتمنا القمة العالمية للحكومات في دورتها العاشرة، بحضور عشرة آلاف متخصص ومسؤول حكومي، و80 منظمة دولية، و80 اتفاقية عالمية بين الدول المشاركة تم توقيعها.. القمة تمثل دولتنا التي تجمع العالم.. وتستشرف المستقبل.. وتمثل قوة خير للبشرية».

وجود هذا العدد الكبير من المتخصصين على أرض الدولة في حيز مكاني أو جغرافي واحد معناه كثافة تواصل واتصال فعال بين أطراف حكومية عالمية تتبادل عبره خبراتها العملية التي تنتقل بأسلوب الاحتكاك المباشر، بالدرجة الأولى، فضلاً عن تأسيس شراكات تنموية حقيقية بين أطراف عالمية عديدة، وطريق لمعرفة واستنباط أفضل الاستراتيجيات الحكومية العالمية، وهذا يُعد تميزاً ذهنياً للقيادة الإماراتية الرشيدة التي أن استطاعت أن تجمع هذا العدد من الخبراء والمتخصصين هنا في الإمارات محققة بذلك المساهمة المهمة في تحقيق مستوى متقدم للبشرية عبر الاستفادة القصوى من هذه الموارد البشرية وهي «العقول».

هذه العقول طرحت الأفكار البناءة والتعامل بطريقة تقدمية وحيوية مع كافة التحديات التي تواجهها الدول والمجتمعات في القرن الحادي والعشرين عبر إجادة سلوكيات النجاح في الإدارة كالتفاؤل والثقة والمبادرة والنظر بطريقة جميلة للعالم، وهي الجوانب الاستراتيجية المهمة التي طالما ركز عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في سياسته العامة التي تخلق ثقة وقوة متبادلة بين كافة أطراف أو فئات منظومات العمل، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، فضلاً عن نهوضها بالذات البشرية، من نطاقها الضيق إلى النطاق العالمي، وتنمية الشعور ليس فقط بالهوية الشخصية والوطنية ووضوح الهدف في هذا النطاق بل العمل على تنمية الشعور بالهوية العالمية المشتركة ووضوح الهدف على النطاق العالمي.

وبالتالي، يسهم ذلك، في تحسين مستوى الاستمتاع بالحياة اليومية في هذه النطاقات المتكاملة؛ الشخصية والوطنية والعالمية، خاصة أن التحديات على النطاق العالمي لها تأثيراتها المباشرة على النطاق الفردي والأسري والوطني والإقليمي، معاً، كفترات الكساد الاقتصادي أو التضخم وفقدان العُملاء وتدني مستويات الخدمة والمنتج، والتضارب بين احتياجات المواطنين في الدول والمجتمعات وسياسات معينة لا تتفق مع هذه الاحتياجات خاصة مسألة سعيهم للحصول على فرص عمل مناسبة، فضلاً عن التعقيدات المتنوعة بطبيعة الأعمال اليوم، والمشاكل أو التحديات التي تفرضها المنافسة المحتدمة بين منظمات الأعمال، ونواحي القلق التي قد تنتشر داخل منظمات الأعمال، وكل هذه التحديات، وغيرها، تفرض مسألة التواصل الفعال بين حكومات العالم وهذا ما وفرته الدولة عبر هذه القمة العالمية للحكومات.

سياسة الإمارات التي تجمع العالم، تشمل عقيدة عمل واضحة تجمع لا تفرق، وهذا يعكس جوهر علم السياسة الحقيقي النابع من مُسماه وجذوره اللغوية العربية سياسة، من الجذر اللغوي ساس، أيّ أدار، وأدار بحكمة ونضج وكياسة وفطنة، وسائس الخيل هو الذي يهذبها وينقلها من الحالة الوحشية غير المنضبطة إلى الحالة المهذبة/الراقية/المدنية/ الجمالية، وفعل «يسوس» أي يُدير بحنكة وحكمة. وسياسة جمع العالم معناها خلق جمال كلي للبشرية، وخير جماعي، وليس فقط لفئة معينة أو دولة معينة وإنما خلق حالة تنمية وتقدم عالمية شاملة تمس وتلمس كافة دول العالم؛ خاصة العمل على رفع المعاناة عن الشعوب التي تمر بأزمات أو كوارث إنسانية.

«سياسة جمع العالم» معناها «سياسة جمع البشرية» وهذا أصلاً ما تؤكد عليه وثائق الأمم المتحدة ويؤكد عليه القانون الدولي، في مبادئه الأساس. فسياسة جمع العالم أو جمع البشرية على كلمة سواء وخير عام، متفقة ومتسقة مع رغبة كل إنسان في هذا الكون أن يحيا بأمن وأمان وسلام وطمأنينة حتى يتفرغ هذا الإنسان للعمل المثمر التنموي الجمالي المنتج على نطاقه الذاتي، فيرقى بذاته نحو الكمال الإنساني والأسري ويرقى بأسرته نحو كمالها أيضاً، ويرقى بمجتمعه من خلال خدمة هذا المجتمع كمواطن طيب صالح منتج خيّر، وبعمله عبر تحقيق كافة متطلبات العمل وتطويرها، ودولته عبر المساهمة الجادة في تنميتها، والكون عبر كونه مواطناً عالمياً يسعى للمحافظة على كافة مكتسبات الدول والمجتمعات وتنميتها، باعتبارها مكتسباته الشخصية، والمساهمة في خدمة الأجيال الجديدة المتطلعة للحصول على فرص متعددة لتحقيق حياة رائعة من كافة جوانبها.

* تنمية بشرية

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3cxduxfd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"