عادي
إدوارد جونز رسام الأساطير

«النوم الأخير لآرثر» تحكي ملحمة ويلزية

23:28 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: عثمان حسن

السير إدوارد بورن جونز (1833 - 1898) هو رسام ومصمم بريطاني اقترن بحركة ما قبل الروفائيلية، والتي ضمت الفنانين: دانتي غابرييل، روزيتي، جون ميليس، فورد مادوكس براون، وويليام هولمان هانت.. شارك الكاتب والشاعر والمصصم ويليام موريس مؤسسة لإنتاج التصاميم الزخرفية والمنسوجات، تظهر اللوحات المبكرة لجونز تأثير دانتي غابرييل، ولكن بحلول عام 1870 طور أسلوبه الخاص، ولاحقاً برز كاسم يبشر بالحركة الجمالية الجديدة في الفن.

في استوديو موريس، عمل مصمماً لمجموعة واسعة من الحرف بما في ذلك بلاط السيراميك والمجوهرات والمفروشات والفسيفساء، ومن بين أهم تصاميمه تلك الخاصة بنوافذ الزجاج الملون التي كان إنتاجها عبارة عن حرفة تم إحياؤها خلال القرن التاسع عشر. لا تزال تصاميمه موجودة في الكنائس في جميع أنحاء المملكة المتحدة، والولايات المتحدة وأستراليا.

التحق بمدرسة الملك إدوارد السادس لقواعد اللغة في برمنغهام عام 1844 ومدرسة برمنغهام للفنون من 1848 إلى 1852، قبل أن يدرس علم اللاهوت في إكستر كوليدج- أكسفورد. وهناك أصبح صديقاً لوليام موريس نتيجة اهتمامها المشترك بالشعر. شكل الطالبان الجامعيان في إكستر، مع مجموعة من أصدقاء جونز من برمنغهام المعروفين باسم مجموعة برمنغهام، الذين زاروا الكنائس، ليتعرفوا إلى مكامن الجمال التي طبعت البنية الاجتماعية للعصور الوسطى.

(النوم الأخير لآرثر في أفالون) هي بلا منازع من أشهر لوحات الفنان إدوارد جونز، استغرق العمل على هذه اللوحة نحو 17 عاماً، بين (1881 و 1898) وهو العام الذي تُوفّي فيه الفنان، وبحسب قول زوجته جورجيانا، «هذه قصة أصبحت بمثابة تفسير للحياة بالنسبة له».

جاءت اللوحة بأبعاد كبيرة (279 سم × 650 سم).. وهي موجودة اليوم في متحف «دي بونس»- بورتوريكو.

رسم جونز اللوحة بتكليف من راعي الفنون جورج هوارد، من أجل تعليقها على الحائط في مكتبة قلعة «ناورث» بانجلترا، وقد شارك هوارد الفنان الحالة النفسية والوجدانية لأسطورة آرثر، وترك اختيار كيفية إنجاز للوحة لجونز، في غضون فترة عمله على اللوحة والتي استمرت 17 عاماً، قام بتصميم المسرح الذي ستعرض عليه مسرحية الملك آرثر التي كتبها جيه كومينز كار، وكان أن عرضت لأول مرة في لندن في يناير 1895.

اللوحة تصور لحظة رقود الملك آرثر، المصاب بجروح قاتلة، محاطاً بثلاث ملكات والعديد من الحاشية، تتدلى فوق جسد الملك قبة رخامية مغمورة بالضوء مع مشاهد منحوتة من أسطورة الكأس المقدسة. تم تأطير مركز اللوحة بأعمدة سوداء وتيجان على الطراز الشرقي على اليسار واليمين. صمم الفنان جدران القلعة على طراز القرون الوسطى، وأثث الفنان القاعة بحديقة ملأى بالأزهار والأشجار اليانعة، تظهر النساء أمام المشاهد بضفائر طويلة.

في قلب حكايات آرثر تكمن فكرة أنه لم يمت في الواقع، لكنه ينام في أفالون، حيث ستكون الأمة في أمسّ الحاجة إلى عودته، وأفالون في الميثولوجيا الويلزية هي مملكة الموتى، وأصبحت لاحقاً جنة على الأرض، ثم أصبحت موطن الأبطال في الحكايات الآرثرية.

خلفية

بينما كان بورن جونز وصديقه ويليام موريس لا يزالان طلاباً في أكسفورد، قرأوا رواية «موت آرثر» للسير توماس مالوري، والتي كتبت في القرن الخامس عشر، لقد تغلغل آرثر في روح كل منهما، اعترف جونز: «لا شيء يشبه موت آرثر، أعني: لا كتاباً، ولا قصيدة سوف تكتب، وتغوص في القلب إلى الأبد».

تسببت ثمانينيات القرن التاسع عشر في وفاة عدد من أصدقاء جونز المقربين. وقد عانى الفنان عزلة متزايدة جراء ذلك، وقد صاحبه إدراك مؤلم لهلاكه هو الآخر، وكان جونز وهو منهمك في إنجاز اللوحة، قد تصور أنه هو نفسه الملك النائم آرثر، بحلول عام 1885، أي بعد أربع سنوات من بدئه بالعمل على اللوحة، وصل إلى مرحلة نفسية حادة جعلته يطلب من راعي الفن هوارد أن يستبدل الحجم الكبير بحجم أصغر، فوافق هوارد على ذلك، ولم يطلب منه استعادة الدفعة الأولى مقابل إنجازه للوحة بالأبعاد الكبيرة، ومع ذلك فقد عاد الفنان عن شرطه هذا، وعاد إلى حجم الصورة بمقاساتها الكبيرة في الثلاثة عشر عاماً المتبقية، حيث أصبح آرثر هاجسه، وهذا ما عبّر عنه في رسالة لأحد أصدقائه في أفالون- فرنسا في 1886 عندما قال: «كيف حالك في أفالون، حيث عانيت لأكون بكل قوتي.. وكيف وصلت أنا إلى هناك وكيف وصل آرثر الملك؟».

نقد

يعتقد الرأي الشائع أن جونز صاغ مظهر آرثر على غرار الحالة الصحية لصديقه ويليام موريس (1834 – 1896) وهو معماري وشاعر ومصمم وكاتب اشتراكي إنجليزي كان شريك جونز في مؤسسة للتصميم أسسها موريس في 1861، وأن التدهور الجسدي لموريس كان مصدر إلهام رئيسي لجونز، ومع ذلك، تجادل الناقدة الفنية ديبرا مانكوف بأنه لا يوجد سجل يوثق أن الفنان قد استوحى لوحة آرثر من صديقه موريس، خاصة وأن صورة الملك قد أنجزت بعد سنتين على وفاة موريس الذي كان بصحة جيدة في تلك الفترة.

واصل جونز العمل على آرثر، وفي نهاية حياته كتب: «لست بحاجة إلى شيء سوى يدي وعقلي لأصنع لنفسي عالماً أعيش فيه، لا يمكن لأي شيء أن يزعجني، وفي أرضي أنا الملك».

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yfndzewh

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"