حرب على مدينة ومخيم

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

في يوم 19 يونيو/حزيران الماضي، شنت القوات الإسرائيلية هجوماً على مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية المحتلة، نجم عنه عشرات الضحايا والجرحى، بينهم أطفال، وأعطب خلاله المقاومون داخل المخيم، آليات إسرائيلية عدة، وأوقعوا إصابات في صفوف هذه القوات التي انسحبت من دون أن تحقق أهدافها.

عادت قوات الاحتلال من جديد، أمس، لشن عدوان بري وجوي واسع، بمشاركة قوات النخبة والكوماندوس، وأكثر من 150 آلية عسكرية، ترافقها الجرافات، إضافة إلى الطائرات المروحية والمسيّرة في محاولة جديدة لاستعادة الردع، وتركيع المدينة والمخيم.

إن هجوماً بهذا الحجم من قوات وأسلحة، هو حرب فعلية على مدينة يقدر عدد سكانها ب40 ألف نسمة، ومخيم يقطنه 11 ألف لاجئ فلسطيني، ما يعد جريمة ضد الإنسانية؛ حيث يتم وضع آلاف المدنيين تحت رحمة قوات مدججة بالأسلحة، وتمارس إسرائيل كعادتها أبشع أشكال العنف من قتل وتدمير من دون أي رادع أخلاقي وإنساني.

وإذا كان زعم الاحتلال هو القضاء على المقاومة المسلحة في المدينة والمخيم، فإن هذا الزعم يسقط، لأن القرارات الدولية، وخصوصاً القرار رقم (2649)، تؤكد «شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، وحقها في تقرير المصير بأية وسيلة في متناولها»، وبالتالي، فإن مقاومة الاحتلال، هو رد فعل طبيعي، طالما أن الشعب الفلسطيني يجد أمامه احتلالاً استيطانياً مدججاً بالعنف والعنصرية والتطرف وبمختلف الأسلحة المتطورة، ولا يعترف بوجوده أو حتى بحقوقه التاريخية على أرضه.

وهذا يعني أن إسرائيل تسد كل الأبواب أمام أي أمل في تسوية عادلة تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، من خلال مشاريع الاستيطان المتواصلة التي تستهدف في النهاية، تهويد الأرض الفلسطينية، وهو ما تنفذه حكومة نتنياهو يومياً. كان من الطبيعي أن يلقى العدوان الجديد، تنديداً عربياً واسعاً، نظراً لم يشكله من انتهاك للقوانين الدولية الإنسانية، وتحدٍ صارخ للشرعية الدولية. وفي هذا الإطار، أصدرت دولة الإمارات بياناً دانت فيه بشده هذه الاعتداءات، ودعت إلى الوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني، وحثت على عدم اتخاذ خطوات، تفاقم التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وشددت على وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد الوصول إلى «حل الدولتين»، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

أمام هذا الواقع، ومع اليأس من إلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، ومع ما تلقاه من دعم غربي، وخاصة أمريكي يرى في عدوانها دفاعاً عن النفس، إضافة إلى عدم قدرة المجتمع الدولي على ممارسة أي ضغط، يردع إسرائيل عن المضي في نهجها التوسعي، لا يوجد أمام الشعب الفلسطيني إلا طريقان، إما الاستسلام والقبول بالأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل وهو خيار مرفوض وطنياً وقومياً وإنسانياً، وإما المقاومة وهو خيار يستدعي الصمود وتقديم التضحيات. وقد اختاره الشعب الفلسطيني طيلة عقود، دفاعاً عن أرضه ومقدساته ومقدسات المسلمين والعرب، وقدم من أجل ذلك مئات آلاف الشهداء.

إن مقاومة الاحتلال ليست جديدة على الشعب الفلسطيني الذي يدرك تماماً معنى أن تشن إسرائيل حرباً على مدينة ومخيم؛ بهدف قتل روح المقاومة فيهما، كي تفرض روايتها واستراتيجيتها، القائمة على اجتثاث الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/279anufz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"