عادي
دعوة لقراءة سير الشعوب بشكل تأملي

8 أسابيع في مدينة محتلة.. مذكرات امرأة مجهولة

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين

القاهرة: «الخليج»

صدر كتاب «امرأة في برلين.. ثمانية أسابيع في مدينة محتلة» (ترجمة ميادة خليل) باسم مجهول، لكن امرأة استثنائية كانت تقف وراء كتابته، وهنا تقول مترجمة الكتاب: «عند الانتهاء من قراءة الكتاب، بكيت كثيراً، هل هذا كل شيء؟ قلت لنفسي، كنت أريد أن أعرف هذه المرأة، كنت أريد أن أرى خربشاتها، كتاباتها المختزلة الأولى لهذه المذكرات، كيف يبدو خطها؟ لكن المؤكد أنها امرأة استثنائية، وإلا كيف يمكن لإنسان أن يشهد هذا كله، ويكتب عنه، دون كره، دون لهجة انتقام، دون غضب، كيف يمكن ذلك؟ كيف استطاعت أن تفعل ذلك؟».

شابة في الثلاثين من عمرها، واسعة الاطلاع، مثقفة، ذكية، كتبت بعين امرأة شجاعة، عن كل ما يدور حولها، حاولت استكشاف العدو، بدلاً من كرهه، حاولت أن تتعرف إلى وجه الإنسان في هذا العدو، كانت تضع أسباباً لسلوكياته الإجرامية، كانت تكتشف الوجه الآخر للأشياء طوال الوقت.

أما حزنها فكان عميقاً لكنها أهملته، يسقط منها أحياناً، هنا وهناك، لكنها لم تعره اهتماماً، لم تقف عنده طويلاً، ليس مهماً أمام آلام شعبها، وفي هذه المحنة أعادت اكتشاف حياتها ونفسها، كانت متحفظة في ذكر تفاصيل كثيرة، حدثت معها، أو حتى الإشارة إليها، مجرد ثلاث نقاط، تكفي لنعرف بشاعة ما حدث، كتبت بصدق وإخلاص، بعدالة وهدوء، ومن شعور بالقوة وليس الضعف.

ترى المترجمة أن الكتاب دعوة لقراءة سير الشعوب، قراءة تأملية. فبعد استسلام ألمانيا، التزم الألمان بقوانين المحتل، وعى الشعب الألماني أنهم يسددون حسابات الحرب وسياسة هتلر، وأن جنود العدو لم يفعلوا أكثر مما فعله الألمان بهم، قوة المرأة الألمانية وشجاعتها وصبرها ووقوفها مع الرجل دون منة، لأنها تفعل ذلك على أنه أخلاق وسلوك، ولا تنتظر أي شيء، في المقابل.

بعد صدور الكتاب واهتمام الصحافة، تم التعرف إلى شخصية الكاتبة، وهي الصحافية الألمانية «مارتا هيلرس» ووعملت صحفية في برلين، وكتبت في عدة صحف، ولدت عام 1911 ودرست في السوربون، كتبت بعض الأعمال لصالح النازي، لكنها لم تكن عضواً في الحزب، ولاقى هذا الكتاب عند صدوره في ألمانيا عام 1953 انتقاداً شديداً.

ردود فعل

كانت ردود الفعل السلبية تتوجه نحو تصوير المرأة على أنها ضحية كيفية تعامل النساء الألمانيات مع الضباط السوفييت، في الطبعة الألمانية الأولى عام 2003، قال الناشر: «كان موقف الكاتبة يخلو من الشفقة على الذات، مع رؤية واضحة لسلوك أبناء وطنها، قبل وبعد انهيار النازية، كل شيء كتبته تبدد في وجه الرضا، وفقدان الذاكرة لسلطة ما بعد الحرب».

استنسخت النسخة الألمانية في السنوات التالية لصدور الكتاب، لأول مرة في ألمانيا، وكان حديث السيدات الألمانيات في السبعينات، حيث صدرت الطبعة الأولى بالإنجليزية في أمريكا عام 1954، وبعد وفاة هيلرس بعامين أي في عام 2003، صدرت طبعة جديدة في ألمانيا، وكانت من أفضل الكتب مبيعاً على مدار 19 أسبوعاً، حيث تم الكشف عن هوية الكاتبة في هذه الطبعة، التي تحولت إلى فيلم عام 2008.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdhr7fcw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"