عادي

الخرافة.. 150 عاماً من التفسيرات العلمية

19:50 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: الخليج
يعدّ كتاب «الخرافة مقدمة قصيرة جداً»، ترجمه إلى العربية محمد سعد طنطاوي، أحد أبرز الأعمال العالمية التي وضعت عن تاريخ دراسة الخرافة، استطاع مؤلفه روبرت إيه سيجال أن يستعرض بدقة وسعة اطلاع أهم النظريات التي سادت القرنين التاسع عشر والعشرين، حول هذا الموضوع، ويتناول النظريات التي وضعت حول الخرافة تناولاً واضحاً وشاملاً.
يوضح سيجال أن هذا الكتاب ليس مقدمة إلى الخرافات بل إلى طرق تناول الخرافة، أو نظريات الخرافة، وهو لا يتخطى في تناوله النظريات الحديثة، ربما تعود نظريات الخرافة إلى وقت نشأة الخرافات نفسها، ومن المؤكد أنها ترجع إلى فلسفة ما قبل سقراط على الأقل، غير أن هذه النظريات نَحَتْ فيما يبدو نحواً علمياً في العصر الحديث فقط، خاصة منذ أكثر من 150 عاماً.
يشير سيجال إلى مجالات مهنية سعت إلى تقديم نظريات علمية حقيقية عن الخرافة مثل العلوم الاجتماعية التي أسهم علم الأنثروبولوجيا وعلم النفس، وبدرجة أقل علم الاجتماع، الإسهام الأكبر فيها، وبينما كان هناك على الأرجح ما يناظر النظريات العلمية الاجتماعية للخرافة قبل ظهورها، فإن التنظير الحديث للخرافة لا يزال مختلفاً عن مثيله السابق عليه.
كانت نظريات الخرافة في القرن التاسع عشر، من خلال نظريات تايلور وفريزر، ترى أن الخرافة تدور بالكامل حول العالم المادي، لكن في القرن العشرين جرى استبعاد نظرياتهما لوضعهما الخرافة في مقارنة مع العلم، ومن ثم استبعاد الخرافات التقليدية، ولاعتبارهما أن موضوع الخرافة هو العالم المادي، وأن وظيفة الخرافة تفسيرية وزائفة.
*رؤية جديدة
تمثل الرد الأبرز في القرن العشرين على تايلور وفريزر في إنكار أن الخرافة لابد أن تختفي عندما يحل العلم، فسعت نظريات القرن العشرين بتحدٍّ إلى الحفاظ على الخرافة، بالرغم من وجود العلم، في المقابل لم يجرِ ذلك من خلال رفض العلم باعتباره التفسير المهيمن للعالم المادي، ولم تتخذ نظريات القرن العشرين هذه الطرق السهلة مثل «نسبنة العلم» أو «جعله اجتماعياً» أو «إضفاء الطابع الخرافي» عليه بدلاً من كل ذلك أعادت تلك النظريات توصيف الخرافة، فهي لا تعتبر تفسيراً بينما لا تزال تدور حول العالم، وفي هذه الحالة تختلف وظيفتها عن وظيفة العلم.
يوضح سيجال أن السؤال الرئيسي في القرن الحادي والعشرين، يتمثل فيما إذا كان يمكن إعادة الخرافة إلى العالم الخارجي مجدداً، من دون استبعاد سلطة العلم ببساطة، ولا شك أن الخرافات لا يجري التعامل معها على أنها تخيلات؛ إذ يمكن اعتبار بعض الخرافات حقائق، مثل الخرافات التي تدور حول النهاية الوشيكة للعالم، ويمكن بالتأكيد النظر إلى الخرافات، باعتبارها تخيلاً، وتعمل بمنزلة المرشد في العالم أكثر من تقديم الوصف له.
يشير المؤلف إلى أن رفض الخرافة في الغرب يرجع إلى أفلاطون الذي رفض خرافات هوميروس لأسباب أخلاقية بالأساس، واقتصر الأمر في الدفاع عن الخرافة من هذا الاتهام على الرواقيين الذين أعادوا تفسير الخرافات مجازياً، ولم يأتِ رفض الخرافات الأساسي في العصر الحديث من علم الأخلاق بل من العلم.
*إعادة تفسير
يتمثل أحد الدفاعات الأكثر اعتدالاً عن الخرافة في وجه رفض العلم الحديث لها في التوفيق بينها وبين العلم، وفي هذا السياق يتم التخلص من العناصر التي تصطدم بالعلم الحديث أو بصورة أكثر براعة إعادة تفسيرها، بحيث تصير حديثة وعلمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/6yvh3mcp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"