عادي
قناديل إماراتية

عبدالله السبب.. قلم يتنفس الشعر

20:06 مساء
قراءة 4 دقائق
عبد الله السبب
  • يحتل السرد مساحة موزونة في تجربته

الشارقة: علاء الدين محمود

«روح الشعر لا تغادر قلمي».. هكذا تحدث الكاتب الإماراتي عبدالله محمد السبب عن تجربته في المجالات الإبداعية التي طرقها. فلئن كان الرجل عُرف شاعراً له العديد من النصوص والدواوين، فقد خاض تجربة السرد عبر القصة القصيرة، ولعل ذلك الأمر أي الكتابة في أكثر من جنس إبداعي واحد كان ظاهرة أدبية في فترة ثمانينات القرن الماضي، حيث برز أكثر من كاتب يجيد التنقل بين عوالم القصيدة والسرد، واحتضنت الصحافة الثقافية إبداعاتهم في ذلك الوقت.

انتمى عبدالله السبب في البداية لقصيدة النثر، وطرق باب الكتابة باكراً من خلال القصائد التي كتبها في مرحلة الدراسة، وكان يتلوها على زملائه بالمدرسة في منتصف سبعينات القرن الفائت، ودائماً ما يتلفت السبب بقلبه إلى تلك البدايات الجميلة، ويقول: «كنت أمارس الخربشة الشعرية والقصصية من دون الالتفات إلى أنني في تلك الأثناء كنت أذهب بقلمي وحواسي وأنفاسي نحو مساحات من التنفيس عما يدور من خلجات، ومن رؤى وأفكار وأحاسيس تسكن الداخل، وتستوطن العقل الباطن الذي يحرّضني على الاستمرار في ذلك الطريق بشكل تلقائي، وفق بوصلة إبداعية أسترشد بها من دون أن أخطط للظفر بها يوماً ما». ولعل حديث السبب هذا، يشير إلى أن تلك البدايات العفوية كانت نقطة انطلاق لشاعر له إسهامه الإبداعي الوافر في الإمارات.

بدايات

نشر السبب أولى نصوصه الشعرية في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات في الصفحة الثقافية لصحيفة البيان، كانت الشاعرة الإماراتية منى مطر هي المشرفة على تلك الصفحة، حيث فتحت الباب لكثير من المبدعين لنشر أعمالهم. ويذكر السبب أن علاقة جمعته بعدد من الكتاب الذين احتضنتهم الصحيفة، منهم الشاعر الراحل خليفة محمد المر.

توج السبب مسيرته مع الشعر وقصيدة النثر بديوان صدر عام 1996، بعنوان «الآن»، وقد أثار ردود أفعال متباينة، غير أن الشاعر يحمل تقديراً خاصاً لتلك المجموعة الشعرية، فهو يقول عنها: «أعتز بهذه التجربة، فهي جزء لا يتجزأ من تجربتي الشعرية، فلكل مبدع بداية، و«الآن» أرّخ لتلك البداية، وهو كتاب لا أنكر وجوده، ولا أتجاوزه في أحاديثي الثقافية والحوارات الأدبية». وظل السبب يدافع بقوة عن قصيدة النثر ويؤكد على الدوام أنها وُجدت لتبقى، وأنها جزء أصيل من المشهد الإبداعي الشعري جنباً إلى جنب مع القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة، ويدلل على ذلك بكمية الإصدارات الشعرية النثرية المتزايدة يوماً بعد يوم، والدراسات النقدية التي تحظى بها من كبار النقاد على مستوى الوطن العربي، ولعل ذلك الديوان «الآن»، جعل السبب ينضم إلى الشعراء الإماراتيين الذين تخصصوا في النثر، ولعل نصوصه اللاحقة تشير إلى تطور كبير في ذلك النمط الإبداعي.

تجربة

والواضح أن تجربة السبب الشعرية وجدت قبولاً؛ إذ كتب عنها العديد من النقاد على نحو ما فعل الناقد هيثم الخواجة في كتابة «عبد الله محمد السبب شاعر الدلالات والحداثة.. دراسة في قصيدته النثرية»، وهو كتاب يؤكد أهمية السبب الشعرية، وهو أمر تشهد به دواوينه ومؤلفاته العديدة مثل: «صلاة»، و«مشيئة.. حكايات وحياكات في رحيل شعراء الحداثة الإماراتية»، و«لفافة»، و«أطلس»، و«كما لو أنني للتو»، و«المرايا تحدث أخبارها»، وكثير من الكتب والمؤلفات التي يتناول في بعضها تجربة شعراء آخرين.

سرد

ويحتل السرد المساحة الكبرى في تجربة السبب، وهو الجنس الأدبي الذي وجد نفسه فيه منذ وقت باكر إلى درجة أن البعض اعتبره ضمن أوائل من كتبوا في مجال القصة القصيرة، وهو يقول عن ذلك الأمر: «إنني أنتمي إلى الرعيل القصصي الأول في دولة الإمارات، حيث جيل الثمانينات. وإذا كانت الأديبة شيخة الناخي هي رائدة القصة القصيرة الإماراتية على صعيد كتابة القصة، فإني أعدّ من أوائل من كتبوا القصة في الإمارات». وبالفعل فإن السبب كان قد كتب أعمالاً سردية في وقت باكر، حيث أنجز مخطوطته القصصية الأولى التي حملت اسم «الضباب» عام 1987، غير أن تلك المخطوطة لم تصدر في العام ذاته بسبب ضياعها، ولم يكن يمتلك منها نسخة أخرى. ويشير السبب إلى أن تلك القصة لو كانت صدرت في ذلك الوقت لكان قد أصبح كاتب القصة القصيرة رقم 11؛ أي ضمن كتاب القصة الإماراتيين الرواد في هذا المجال، غير أن ذلك التأخير صقل تجربة السبب بصورة جيدة، وأحدث تحولاً في أسلوبه.

انتماء

انتمى السبب للقصة القصيرة بصورة أكبر من أي مجال إبداعي آخر، وذلك ما أشار إليه بنفسه عندما قال: «في الحقيقة أنا مخلص للقصة أكثر مني للشعر». ويشير السبب إلى تلك البدايات مع القصة القصيرة في أعماله الباكرة التي نشرها في مجلة «رؤى»، في ثمانينات القرن الماضي، ودائماً ما يشير إلى أن بداياته القصصية اتسمت بالتقليدية ثم تطورت بصورة أكبر في ما بعد وتحديداً منذ عام 1989، حيث بات يتخذ أسلوباً مختلفاً يتمتع بالروح «الحداثوية» واللغة المكثفة، وظهر ذلك من خلال نصوص عديدة مثل «جنازة حب»، وعدد من الأعمال الأخرى.

اتجه السبب نحو كتابة الجنس السردي الجديد وهو القصة القصيرة جداً، أو الومضة، حيث وجد أن القصص التي لديه لا تحتمل التطويل في سردها، فكان أن تخلص من الزوائد اللغوية واتجه نحو التكثيف، وبهذه الطريقة وجد نفسه يقف أمام هذا الشكل السردي: القصة القصيرة جداً.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8r62fm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"