عادي

كتاب «صعود وسقوط بندر لنجه- مركز التوزيع للساحل العربي 1750-1930» لويليم فلور

23:05 مساء
قراءة دقيقتين
1

بقلم: عبدالغفار حسين

كعادة الغربيين في التقصي والبحث وعدم الاعتماد على الإنشائية والخطابية، كَتبَ المستر ويليم فلور كتاباً صدر في الولايات المتحدة عام 2010، سمّاه «بندر لنكه» كما يسميها الإيرانيون، أو «لنجه» كما يلفظها الخليجيون، أو «لِنيه» كما ينطقها الإماراتيون، ولا أعتقد أن أحداً من أبناء المنطقة لا يعرف شيئاً ولو ضئيلاً عن جغرافيا وديموغرافية هذا البندر أو هذا الميناء أو هذه المنطقة التجارية التي كان لها الحَول والطَول في التجارة والعمران التجاري حتى العشر الأواخر من القرن التاسع عشر، أو نحو عام 1895، عندما انطفأ نجمها وأَفلَ أفولاً حاداً، لأسباب يرجع أغلبها للفساد الذي انغمست فيه الإدارة المركزية الإيرانية في بلاط الشاه ناصر الدين القاجاري، وشُغل الشاه وبطانته بملذّاته الخاصة عن أمور الرعيّة، فأثقل كاهلَ البلد بنِقْماتٍ من ديونٍ وغيرها لدول الغرب. واضطرَّت حكومة الشاه أن تُؤجِّر الموانئ الإيرانية لدول أجنبية.

1

وكانت لنجه التي هي درة الموانئ يومئذٍ، من نصيب الحكومة البلجيكية؛ حيث قامت بوضع لوائحَ لضرائبَ ورسومٍ مُثقِلة على الناس، لم يكن لهم عهد بها أو قدرة لاحتمالها، وذهب التجار وأصحاب المال يبحثون عن ملجأٍ آخر يلجؤون إليه لإدارة أموالهم والعيش في مأمن، وكان هذا الملجأ والمأمن هو الساحل العربي: الكويت، البحرين، ومسقط وساحل عُمان، وعجمان، وجاءت دبي ليكون لها النصيب الأوفر من هذا الاهتمام والجذب، بفضل نشاط إدارة حاكمها، حينئذٍ، الشيخ مكتوم بن حشر، الذي عُرف عنه أنه كان واعياً وذكياً وذا عقليةٍ انفتاحيةٍ متنورة.

ويقول المؤرخون: «وازدادت حبال الأسى اضطراباً في مناطق فارس كلها، بسبب ضعف الحكومة وقادتها، واشتدت شوكة الملل والطوائف وصراعاتها، كلٌ يسعى وراء مغنم ومكسب، وكانت أكبر مناطق إيران اضطراباً في بلاد الساحل الفارسي من تخوم العراق غرباً وحتى بلوشستان المحاذية لشبه القارة الهندية شرقاً».

ويقول الكاتب والمؤرخ الفارسي أحمد فرامرزي الذي سكن البحرين والأحساء، وزار عُمان وساحل عُمان عام 1922: «إن الأموال التي تحولت من لنجه إلى سواحل الخليج في مستهل القرن العشرين، بلغت نحو ثمانين مليون روبية»، وهذا المبلغ في عُرْف يومنا هذا يساوي ثمانين مليار تقريباً، وسحْب مثل هذا المبلغ كانت القاصمةَ لظهر تجارة لنجه وتوابعها في الساحل الفارسي.

ويتضح الحديث عن لنجه أكثر، إذا عرَّجنا على الموانئ الخليجية منذ القِدَم وحتى يومنا هذا، الواحد تلو الآخر، قبل دخول الإسلام بلادَ العراق وفارس وبعد ذلك، بدءاً كانت الأبلة، وكان الإيرانيون يسمون لنجه «لنكه»، لعلّ اسم لنجه هو الاسم المُعرَّب للنكه، واللنكه بالفارسية معناها الجزء أو الجزء المتساوي، ولم أجد في الكتب التي قرأتها تفسيراً لهذا الاسم، ولكن لنكه بمعناها اللغوي، كما أشرت، تعني الجزء، وفي اللغة الفارسية لنكه بمعنى النصف، ويقولون عن لنجه (لنكه) أي بمعنى نصف الدنيا.

وفي الكتاب تاريخٌ مفصَّل عن أحوال لنجه منذ منتصف القرن الثامن عشر 1750، وحتى 1930، في القرن العشرين، وهو مرجعٌ لمن يهتم بتاريخ الخليج، باعتبار أن لنجه كانت مقراً لكثير من الأسر العربية الخليجية، ونزحت منها إلى الضفة العربية، لا سيما منذ بدايات القرن العشرين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/37hsve9v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"