عادي

ياسر وباسم.. وقصة يوسف عليه السلام (2-2)

23:28 مساء
قراءة 4 دقائق

تقابل الصديقان أمام باب المدرسة، وتحدثا عن موعدهما مع الشيخ جلال، وطلب ياسر من صديقه باسم أن يذهب معه إلى المنزل ليقضيا اليوم، لحين صلاة العشاء، فاستأذنا والدة باسم فوافقت، ظل الصديقان في المنزل حتى سمعا آذان العشاء، فانطلقا في سعادة بالغة ودخلا المسجد وذهبا إلى الشيخ جلال ليتأكدا من وعده، فابتسم الشيخ جلال وقال لهما: لقد وعدتكما بالأمس أنني سأفعل.

أدى الشيخ صلاة العشاء وانتهى من الخطبة كما فعل بالأمس، ثم بدأ في استكمال قصة نبي الله يوسف عليه السلام قائلاً: بعد أن حاولت امرأة عزيز مصر مراودة يوسف عليه السلام عن نفسه، ولما امتنع من إجابة طلبها، ذهب ليهرب منها ويبادر إلى الخروج من الباب ليتخلص من هذه الفتنة، فجرت نحوه وتعلقت بثوبه فشقت قميصه، ولما وصلا إلى الباب، قابلا زوجها، فلما وجدهما على هذه الحالة، كذبت على زوجها واتهمت يوسف عليه السلام: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا}. فرد سيدنا يوسف عليه السلام ليبرئ نفسه وقال: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي }،

فانبعث شاهد من أهل بيتها يشهد، فقال: {إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}، لأن ذلك يدل على أنه هو المقبل عليها، وأنها أرادت أن تبعده عنها فشقت قميصه من هذا الجانب. {وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} لأن ذلك يدل على هروبه منها، وأنها هي التي طلبته فشقت قميصه من هذا الجانب. ولما رأى أن قميصه ممزق من الخلف، عرف أن يوسف عليه السلام صادق وبريء وأنها هي الكاذبة.

وبعد ذلك دخل يوسف عليه السلام السجن، فوجد شابين، كل منهما رأى رؤيا وقصها عليه ليفسرها له، وبعد أن أوصل يوسف عليه السلام رسالته الدعوية لهما، بدأ يفسر رؤياهما، فقال للأول إنه سوف يسقي الخمر لسيده، وأخبر الثاني أنه سوف يُصلب، والطير تأكل من رأسه. وأنهى تفسيره لهما بقوله: إن كلا الأمرين قضاء من الله حاصل، لا مرد له ولا دافع. ثم أقبل على الشاب الذي توقع له النجاة، وطلب منه أن يلتمس له من عزيز مصر فك أسره، وإطلاق سراحه. فخرج الشاب من سجنه، وانشغل بأمور حياته، وقابل سيده، وقدم له الخمر، ونسي أن يبلغه رسالة يوسف عليه السلام التي حمَّله إياه إليها.

وكان ملك مصر قد رأى رؤيا شغلت باله، ولم يجد في حاشيته من يفسرها له. وبينما الحال كذلك، إذا بصاحب نبي الله يوسف عليه السلام الذي نجا من السجن يتذكره، فانطلق مسرعاً وسأل يوسف عليه السلام عن تفسير رؤيا الملك، ثم عاد إلى الملك، وقال له تفسير ما رآه، فاستحسن الملك هذا التفسير، وطلب ممن حوله إحضاره؛ ليكون مستشاراً له ومعاوناً، في إدارة شؤون مصر، ولكن يوسف عليه السلام رفض الاستجابة لدعوة الملك، قبل أن يطلب التحقيق في أمر سجنه، ليرد اعتباره ويُعْرَف صاحب الحق من الباطل.

فسأل الملك النسوة عن ملابسات اعتقال يوسف عليه السلام، فلم يسع الزوجة إزاء هذا الموقف إلا الاعتراف بحقيقة ما جرى، فأخبرت زوجها أنها هي التي طلبت من يوسف عليه السلام فعل الفاحشة معها! وقابل طلبها بالرفض والامتناع.

اشتدت رغبة الملك في لقاء يوسف عليه السلام، إذ رأى فيه سداد الرأي، وصدق النصح، وحسن التدبير ما يقيم ملكه على دعائم قوية. وهكذا كان عليه السلام إلى جانب الملك يشرف له على موارد الدولة الاقتصادية، ويدبر له أمورها.

مضى الزمان، ونبي الله يوسف يدير اقتصاد مصر ويدبره، ووقعت مجاعة في أرض كنعان التي كان يعيش فيها يعقوب وأبناؤه. وكانت مصر بفضل تدبيره أعدت لهذا الأمر عدته؛ فادخرت كثيراً مما زرعت وحصدت، فكانت مصر محط رحال الوافدين إليها، يطلبون الزاد والغذاء.

قصد إخوة يوسف عليه السلام مصر طلباً للتزود بالطعام، وقدّر الله أن يجتمعوا بأخيهم من غير أن يعرفوه، إلا أنهم أخبروه أنهم أبناء يعقوب، ومنذ اللحظة التي رأى فيها يوسف عليه السلام إخوته، أخذ يدبر أمراً بينه وبينهم. وها هم أولاء يطلبون منه التزود بالطعام، فيرفض إلا بعد أن يأتوا بأخ لهم من أبيهم؛ ليتأكد من صدقهم فيما قالوه من أنهم أبناء يعقوب، فمنعوا عن أخذ الطعام.

وسمح نبي الله يعقوب لهم، وأخذ عليهم عهداً بأن يأتوه بأخيهم. وكان يوسف عليه السلام قد دبَّر حيلة لإبقاء أخيه إلى جانبه، فأمر بعض أعوانه بوضع مكيال الطعام ضمن أمتعة أخيهم، وقبل أن تنطلق القافلة للعودة، إذا بمنادي الملك يخبر القافلة بأن مكيالاً قد سُرِق، وأنه لن يُسمح بالمغادرة إلا بعد تفتيش متاع القافلة.

وتم استخراج المكيال المسروق من متاع الأخ، وما أن رأى إخوته استخراج المكيال من متاعه حتى أُسقط في أيديهم، ورجوا يوسف أن يأخذ أحدهم. وجاء الجواب بالرفض القاطع.

علم يعقوب عليه السلام، ولم يجد أمامه إلا الصبر، والاستسلام لأمر الله، ثم يتوجه إلى بنيه طالباً منهم البحث عن يوسف وأخيه، وحثهم على عدم اليأس من فضل الله ورحمته، فاستجاب الأبناء لطلب أبيهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3rnhv4xf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"