عادي

«مهندس يصنع صابوناً».. الحرب تجري سفن السودانيين بما لايشتهون

18:08 مساء
قراءة 3 دقائق

«الخليج» - وكالات

غيّرت الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع مسار حياة العديد من السودانيين، من أجل تأمين قوتهم اليومي، وتبدو الحاجة بالنسبة إلى كثيرين أمّ الاختراع.

في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة التي تعدّ بين أكبر مراكز استقبال الفارّين من العاصمة، إذ تبعد عنها جنوباً نحو 200 كلم، يقول أستاذ الهندسة الجامعي علي سيف لفرانس برس «المعاناة تخلق منك مبدعًا، لقد لاحظت عدم توفّر الصابون في السوق واحتياج الجميع له، فقرّرت صنعه».

وسيف، واحد من ثلاثة ملايين نازح من الخرطوم بسبب الحرب التي اندلعت بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 إبريل/ نيسان.

وفرّ كثيرون إلى ولايات أخرى بمنأى عن القتال والبعض الآخر عبر الحدود إلى البلدان المجاورة.

وأسفرت الحرب التي تتركز في العاصمة وضواحيها وفي إقليم دارفور في غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية، عن مقتل 3900 شخص على الأقل، ودفعت أكثر من أربعة ملايين آخرين إلى النزوح.

بين الأواني التي يُخلط فيها سائل الصابون قبل أن يتمّ إفراغه في قوالب مكعّبة الشكل من أجل المنتج النهائي، يجلس سيف في غرفته في مخيم مؤقت للنازحين، ويقول «لم أتقاضَ راتباً منذ مارس/آذار»، مشيراً إلى تعطّل معظم المصارف والشركات بسبب الحرب.

في كشك صغير لبيع الطعام في ود مدني، يحضّر محمد علي القادم من الخرطوم والذي كان موظفاً في مؤسسة عامة، الطعام لتقديمه للزبائن.

ويقول لفرانس برس «اضطُررنا لإيجاد بدائل، لذلك قررت مع بعض الأصدقاء فتح كشك صغير يقدم أصناف طعام من العاصمة غير منتشرة في مدني».

يقدّم علي في محلّه الصغير الفلافل ووجبة «البوش» التي يتناولها سكان العاصمة بشكل شائع وعلى مدار اليوم وهي عبارة عن خبز مقطع في صحن كبير مضاف إليه الفول المدمس وبيض وجبن وبهارات.

«فقدت الأمل في الحياة»

داخل كشك صغير آخر في سوق مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة، تجلس السودانية ميشيل إيليا التي كانت تعمل معلمة في مدرسة في أمّ درمان، ضاحية غرب الخرطوم الكبرى، تصنع وتبيع رقائق الخبز.

وتقول إيليا من وراء نظاراتها الطبية «بعدما كنت أطمح الى أن أكون أستاذة كبيرة ينتهي بي الحال هنا، لأول مرة أعمل في السوق».

وتتابع «لقد فقدت الأمل في الحياة، ولكن أنا مجبرة على ذلك حتى أتكفّل بأسرتي وطعامي»، مضيفة «لست خجولة أو حزينة مما أقوم به، ولكنها ظروف الحرب».

على مسافة من كشك إيليا الصغير، تقف إشراقة موسى التي غادرت منزلها في العاصمة أيضاً من جراء الحرب، وراء عربة صغيرة اشترتها لتبيع عليها المشروبات الساخنة لتدبير دخل يومها.

وتقول «أتيت إلى هنا واشتريت هذه العربة لصنع الشاي حتى أتمكن من تحمل تكاليف المعيشة، كبدتنا الحرب أضراراً كثيرة وتركنا منازلنا وكل ما نملك».

وتتابع بحسرة «الآن.. إذا تمكنت من إفطار أطفالي، قد لا أتمكن من تدبير وجبة الغداء».

قبل الحرب، لم تمارس إشراقة موسى هذا العمل بتاتاً في مجتمعها المحافظ.

ويشهد الوضع الصحي في البلاد مزيداً من التدهور يوماً بعد يوم، فإضافة إلى الحرب، يتعيّن على ال48 مليون سوداني التعامل مع الجوع والفيضانات وما تجلبه معها من أوبئة من الملاريا إلى الكوليرا.

وتشير منظمة الصحة الدولية إلى أنّ «أكثر من 40% من السكان يعانون الجوع، أي ضعف عدد العام الماضي»، هذا فضلاً عن «نقص الأدوية والتجهيزات الصحية والكهرباء والماء».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/285f8j9f

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"