عادي

لماذا لا تتحدث الحيوانات؟

20:25 مساء
قراءة 3 دقائق
التطور المشترك للغة والمخ

القاهرة: الخليج

«الإنسان.. اللغة.. الرمز.. التطور المشترك للغة والمخ» كتاب لتيرنس دبليو ديكون ( ترجمة وتقديم شوقي جلال) سباحة ضد التيار أو مغامرة علمية فكرية في الاتجاه المعاكس لغالبية الآراء السائدة، مثل نعوم تشومسكي وستيفن بينكر، التي تحاول تفسير مسألة اللغة التي ينفرد بها البشر دون الكائنات الأخرى، البداية سؤال طرحه طفل في السابعة من العمر: لماذا لا تتكلم الحيوانات؟ وهو سؤال حارت معه البشرية، والتي تحاول ولا تزال الاهتداء إلى إجابة وتفسير علمي على الرغم من تلك الخرافات والحواديت التي تربى عليها أطفال البشر، عن حكايات يدور فيها الكلام بين بشر وحيوانات، على نقيض ما يجري في الواقع، ويمضي السؤال ليقول على لسان المؤلف هذه المرة: إذا كانت الحيوانات ليست لديها أمخاخ كبيرة فلماذا لا تتكلم لغة بسيطة مناسبة لحجم مخها؟.

هذا هو بداية الخيط وإن كانت دراسات المؤلف عميقة وممتدة في محاولة لفهم وصوغ نظرية طموحة، تدعمها دراسات وتجارب وتحديات عميقة واسعة النطاق للكشف عن أصول نشأة اللغة والوعي وتطورهما عند البشر.

يوضح ديكون أن أمخاخ البشر ليست مجرد أمخاخ ضخمة، ويحدد أن الانحرافات البنيوية الجذرية التي حدثت في مقدم المخ البشري، أدت إلى نشوء قشرة مخ عند مقدم الجبهة، ومن ثم حدث تحول في شبكة الاتصال، ويعتبر تطور القدرات الصوتية نتيجة أكثر من كونه سبباً لنشأة اللغة وتطورها، بمعنى أن التغيرات الحادثة في تنظيم المخ هي التي هيأت البشر لتجاوز عتبة أو عقبة التعلم الرمزي التي تمايز بين البشر وغيرهم من الحيوانات.

يوضح ديكون في ضوء دراسته عن التطور المشترك للمخ والتكوين التشريحي لأعضاء الصوت أي اللغة (الجهاز الفمي والتنفسي) لماذا تعجز الثدييات عن التكلم؟ لماذا نستطيع نحن البشر أن نتكلم؟، لماذا لا تغرد الثدييات مثل الطير؟ ويقدم هنا دراسة تحليلية تشريحية وبيئية مقارنة للإجابة عن ذلك، ويوضح أن كلام البشر يعتمد على تكوينات قشرة المخ، وعلى الحركات السريعة الماهرة لعضلات الفم والصوت، وهذا غير موجود لدى الثدييات الأخرى، أي لا ينطبق على إخراج الصوت عن الثدييات الأخرى.

هذا في حين أن القدرات الصوتية المتميزة للطيور هي نتيجة خاصية تشريحية مميزة لها علاقة بالتكيف مع الطيران ويدعم هذا بدراسة أو رسوم تشريحية مقارنة، لتفسير السهولة الصوتية عند البشر، ولعل هذا هو ما دعا بعض الباحثين إلى الربط بين تطور إخراج الأصوات المتناغمة عند الطير وبين الغناء والقدرات التصويتية عند البشر، ويؤكد الغناء مدى قدرتنا بشكل منظم على التحكم في تنغيم الصوت.

يقول ديكون: «إن ما يفصل ويمايز البشر عن سواهم من الكائنات هو القدرة على التمثيل الرمزي، إذ الحيوانات يمكنها بسهولة تعلم الربط بين الصوت وشيء ما، أو نتيجة ما، لكن التفكير الرمزي يستلزم بداية توفر القدرة على الربط بين الأشياء، التي نادراً ما يكون هناك رابط بينها، مثال كلمة وحيد القرن أو فكرة المستقبل، اللغة ما هي إلا تعبير ظاهري عن هذه القدرة الرمزية التي تضع الأساس لكل شيء بدءاً من الضحك عند البشر، حتى بحثنا الدؤوب، دون كلل عن المعنى».

يفترض ديكون أن المخ البشري ولغة البشر تطورا على نحو مشترك على مدى ملايين السنين في سياق مجتمع بشري، من حيث العمل والفكر والتفاعل، ولهذا لا وجود لما يمكن أن يسميه لغة بسيطة لدى القردة العليا، أي لا وجود للغة الرمز، ويطرح هنا قضية مهمة، وهي أن القردة العليا، لا نجد من بينها ما يستطيع تعلم أساسيات اللغة البشرية، حتى عند معايشتها لبيئة اجتماعية، تسودها لغة بشرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpp8tmnw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"