عادي

تعرف إلى ثلاث معالجات لخرافة «فاوست»

19:58 مساء
قراءة 3 دقائق
القاهرة: «الخليج»
«فاوست» شخصية أسطورية، شغلت أذهان المفكرين والفنانين، لأنها تعبر عن مأساة الإنسان في حياته، وما بعد موته، وتفتح أمام الذهن آفاقاً متسعة للبحث، ومحاولة الكشف عن الأسرار المغلقة، التي يقف العقل أمامها في النهاية حائراً عاجزاً.
اجتمعت خرافة فاوست حول شخصية رجل يقال له «الدكتور جوهان فاوست» من ألمانيا في القرن السادس عشر، ويبدو أنه كان ساحراً عرافاً ومنجّماً ذكياً، يدعي لنفسه استحضار الأرواح واستعادة المخطوطات الضائعة، التي ألفها الكتاب القدامى، وانتهى الأمر بهذا الرجل أن باع نفسه للشيطان، واختفى عن الأعين إلى غير رجعة في ظروف غامضة.
ومن ذلك الوقت بدأت تظهر عنه وعن تلميذه كريستوفر فاجنر حكايات تلقفتها ألمانيا وإنجلترا في نهاية القرن السادس عشر دون أن يعرف مصدر مؤلفيها، وظهرت أول قصة منشورة عن هذا الرجل في إنجلترا عام 1592، ويبدو أن مارلو الكاتب الدرامي الإنجليزي اعتمد عليها اعتماداً كلياً في كتابة مسرحيته، غير أن أعظم عمل درامي لهذه القصة يعتد به هو مسرحية فاوست الشعرية التي كتبها غوته (1749 – 1822) في جزأين، ظهر الجزء الأول منها عام 1808.
أراد غوته من معالجة فاوست أن يتخذها أداة لمسرحية الانفعالات المنبعثة من الرغبات المتصارعة في النفس الإنسانية من حيث عزوفها عن الحياة أو التمسك بأهدابها، وقطب الرحى الذي تدور حوله هذه المأساة هو أنه يجب على الإنسان أن يكون له من الشجاعة ما يواجه به الحياة بوصفها مغامرة من المغامرات.
كتب غوته مسرحيته في أزهى عصور الفكر وأخصبها، تؤازره في ذلك موسيقى بيتهوفن ودرر بيرون وشيلر الشعرية، وفي العصور الوسطى أيضاً، ذاعت خرافات السحر، واعتبر الساحر خادماً للشيطان، يسلمه روحه بعقد يتنازل فيه الساحر عن روحه مقابل إنجاز رغباته الدنيوية، ومع بداية النهضة وانتشارها في أوروبا برز إلى الوجود إنسان العصر الرومانسي باكتشافاته العلمية والجغرافية، لهذا اعتبر مارلو أصدق معبر عن عصره لإيمانه بقوى الإنسان.
كان غوته هو الشاعر الدرامي الثاني الذي استغل هذه القصة ليبني عليها عملاً درامياً متكاملاً، فقد سبقه إلى ذلك بما يقرب من 200 سنة أو يزيد شاب إنجليزي جريء غريب الأطوار يدعى كريستوفر مارلو، كانت له سلسلة من المغامرات أودت بحياته، ففي اليوم الأول من شهر يونيو سنة 1593 وجد مارلو مقتولاً في إحدى الحانات بطعنة خنجر نفذت إلى جمجمته، وكان موته فورياً.
وكانت مسرحية «فاوست» التي كتبها مارلو ذات بداية ونهاية مدهشتين، غير أن ما بينهما يبدو كئيباً وكأنه لم يكتب بيد مارلو، بل إن أحداً غيره كتبه، ويبدو مارلو في هذه المسرحية منتشياً باستعادة ذكريات غالية، وشخصية فاوست هنا شخصية مادية لا تتورع عن الانغماس في الملذات حتى في عالم الروح.
كتب بول فاليري فاوست بطريقة تختلف تماماً عن الكتاب السابقين، دون أن يصل في الحقيقة إلى جلال التصورات التي وصل إليها غوته، كان في الواقع يلهو دون أن ينتهي إلى نهاية، لأن فاوست فاليري مكتوبة من ثلاثة فصول، دون أن يكتب الرابع، ويبدو أنه كان خائفاً من عدم صدقه مع ذاته، كانت المسرحية في جملتها قصيدة شعرية عذبة، لأنها صدرت عن شاعر رشيق العبارة عذب الأسلوب.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3d3ndw85

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"