عادي

"الخليج" منصة للبناء الاجتماعي والثقافي

18:19 مساء
قراءة دقيقتين
ماجد بوشليبي

تشكل صحيفة الخليج مرادفاً خاصاً بالحراك الثقافي، وقد تعامل معها المثقفون والمبدعون كمنصة للفكر والبناء الاجتماعي، والثقافي والموضوعي، وتعاطى معها النشء المبتدئ كمدرسة، وتخرج من بين عباءتها كثيرٌ من الأسماء التي تصدرت المشهد الثقافي والفكري في ما بعد، وقد مكنت الصحيفة أقلاماً من الحوار، والمشاركة على مستوى الوطن العربي، وأتاح لها ذلك أن تتصدر المشهد الثقافي كمؤسسة، فصاغت هويتها الراسخة.
منذ الثمانينات، وحتى قبلها من القرن الماضي؛ أي ما يقارب أربعين عاماً مضت، وأنا أجد نفسي على تماس مباشر مع الخليج؛ سواء أكان على مستوى التغطيات والمتابعات الصحفية لبلدية الشارقة وقاعة إفريقيا، أو تلك التي شملت اهتمامي الشخصي من خلال تغطيات النادي العربي، وعمل اللجنة الثقافية في مسرح الشارقة الوطني؛ حيث حضرت الخليج بملحقها الثقافي الذي كان يصدر يوم الاثنين من كل أسبوع منفصلاً عن الصحيفة الأم.
الموسم الثقافي لمسرح الشارقة الوطني كان عموداً للحراك الثقافي منذ بداية عام 1976، وقد استضاف آنذاك وأدار برامجَ لأسماء كمحمد جابر الانصاري، وسعد أردش، وحبيب الصايغ، وحسين الجزيري، وأحمد المدني، وهاشم الموسوي، ومتابعات العروض المسرحية والتحقيقات الثقافية، وفي هذا المجال قد أشير إلى حادثتين؛ الأولى التحقيقات الثقافية المحلية التي كانت تجريها الصحفية هند عمرو حول الشعراء المحليين؛ حيث ألقت الضوء على شاعر من أهم شعراء الإمارات، وهو راشد الخضر الذي نظم له مسرح الشارقة أمسية شارك فيها العديد من الأسماء التي قدمتها الصحافة المحلية؛ من أهمها سالم الزمر، وأحمد راشد ثاني، وكان للخليج الدور الكبير في الإشارة إلى تجربة الخضر، ومن ثم تنظيم أمسية التأبين تلك.
وأما الحادثة الثانية، فهي تلك الحصانة النقدية التي صنعها ملحق الخليج؛ إذ صنع الكثير من الأقلام في مجالات الأدب، الرواية والقصة؛ بل وتخصيصه صفحات كاملة لنشر إبداعاتهم، وأذكر أن قصة سلمى مطر سيف «كلنا.. كلنا نحب البحر» التي عنون اتحاد الكتاب أول إصداراته التي جمع فيها كتاب القصة في الإمارات، والذي مازال يشكل مرجعاً لأسماء تلك الفترة؛ قد نشرت للمرة الأولى في ملحق الخليج الثقافي؛ كما خصص الملحق أيضاً جوانب من صفحاته لبناء منصة نقدية، وأذكر أيضاً أنه صدر في أحد الأعداد نقد لمسرحية «البوم»، وهي أولى أعمالي في المسرح، ولقد أفادتني التجربة النقدية التي صاغت لدي الكثير من الآراء والأفكار، ولدى المسرحيين آنذاك.
وفي ما يتعلق بالنقد الثقافي، فإن تقييم الصحيفة للفعل الثقافي وبرامجه شكل أهمية في تأسيس الكثير من البرامج الجديدة على الساحة، وحسَّن من مستوياتها؛ بل وكان شريكاً أساسياً في لجان العمل وتنفيذ البرامج، والتحكيم أثناء عملي في الدائرة الثقافية.
اليوم نشهد مرور خمسين عاماً من الأثر الجميل الذي عمل الأخوان تريم رحمهما الله تعالى على جعله ممتداً وفق تقاليد تعتمد على رصانة الأداء وثوابت الفكر.

د. ماجد بوشليبي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"