يدور موضوع كتاب «ما بعد التفوق» لغاييا فينس حول التطور الذي وصل إليه الإنسان بيولوجياً وثقافياً ويَشرَحُ التأثير المتبادل بين الإنسان وبيئته، ويثير أسئلةً كثيرة ويَقدِّمُ شروحاً موسوعية مُشَوِّقة يعد فيها أن الإنسان قد تجاوز تَقدمه إلى مرحلة أخرى جديدة.
تنتقل بنا الكاتبة مِنَ نَشأة الكون إلى ظهور الإنسان على الأرض، وتُفَصِّلُ في تطوره البيولوجي والثقافي من خلال عوامل رئيسية هي: النار واللغة والزمن. تُؤكِّدُ في مناقشتها على تَمَيُّزِ الإنسان العاقل على جميع الكائنات الحَيَّة الأخرى في ناحيتين: التَّقَدم في تطورِنا البيولوجي والثقافي بتأثير تَغَيُّرات ظروف البيئة، وقدرَتنا الفريدة على تَغيير البيئة ذاتها في الوقت نفسه. فالإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي قام بتغيير بيئته ومظاهرها في كافة أرجاء هذا الكوكب بِفَضلِ الإمكانات العقلية والاجتماعية الفريدة التي يَتمَتَّعُ بها.
تشرح ڤينس التأثير المتبادل بين الإنسان وبيئته، فتقول: القرودُ، وهي أقربُ الحيوانات إلينا، تَستمرُ بالعيشِ مثلما كانت تَعيشُ منذ ملايين السنين. نحن لَسنا مِثل بقية الحيوانات على الرغم من أننا نَشَأنا وتَطوَّرنا مِنْ خلال النظام الطبيعي ذاته. فَمَنْ نحن إذاً؟.
تُبين الكاتبة كيف أننا نُشكِّلُ أنفسنا دائماً من خلال مُثلَّث: الوراثة والبيئة وتَطَوُّر الثقافة. وأصبَحنَا نَوعَاً استثنائياً يَستطيعُ تَوجيهَ وتغيير مَصيره ومستقبله. تستنتج الكاتبة أننا جميعاً في انتظار حُدوثِ أمرٍ استثنائي، فقد أصبَحَ الإنسانُ مَخلوقاً أعلى. تطلقُ عليه اسم «إنسان الهومني» الذي يَتَمتَّعُ بإمكانات شاملة بفضل تطوره البيولوجي والثقافي. كما تَستَشرفُ المستقبل بِتَوَقعِ اتّجاهٍ جديد في تطورنا البيولوجي/ الثقافي نحو ظهور إنسانٍ جديد هو الإنسان السَّايبورغ (الإنسان الإلكتروني/ البيولوجي) الذي يَتَضَمَّنُ جِسمُهُ البيولوجي أجزاءَ إلكترونية.