عادي
الحياة السرية للدماغ

ليزا باريت: المشاعر ليست واحدة لدى جميع البشر

23:49 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

تبدو العواطف رد فعل على المواقف والتجارب التي نمر بها، ولا نستطيع التحكم فيها، وغالباً ما يدعم العلماء هذا الافتراض، بدعوى أنها مرتبطة بروابط فيزيائية بالدماغ البشري.

الأخصائية النفسية وعالمة الأعصاب ليزا فيلدمان باريت في كتابها «كيف تصنع العواطف.. الحياة السرية للدماغ» (ترجمه إلى العربية إياد غانم) تكشف أن أفكارنا الشائعة عن العواطف، عفا عليها الزمن، ونحن ندفع ثمن فهمنا الخاطئ هذا.

تؤكد أن العواطف تبنى عن طريق أنظمة، تتفاعل في الدماغ، مدعومة بالخبرة الحياتية، وأنها ليست منظمة وممنهجة بشكل مسبق في أدمغتنا وأجسامنا، بل هي تجارب نفسية، يكنّها كل واحد منا، بحسب تاريخه الشخصي وتركيبة شخصيته والبيئة التي نشأ فيها.

يطرح الكتاب أسئلة عديدة، مثل طريقة تسجيل الدماغ لمشاعر الغضب والخوف والفرح، وكيفية تفكيرنا في هذه المشاعر ثقافياً، وحين يتعلق الأمر بالتفكير في مشاعرنا، فنحن نراها قوى أساسية، تصدر من داخلنا، ونعتقد أن هذه المشاعر قد تشكلت في سنّ مبكرة.

يساعد الكتاب القارئ على التخلص من الإحساس بعدم القدرة على التحكم في مشاعره، وكذلك التخلص من ردود الفعل السريعة، التي يندم الناس على معظمها، وقد أنجزت ليزا أبحاث هذا الكتاب في نحو 25 سنة، وتتحدث عن كيفية صناعة المشاعر في الدماغ، وكيف يستطيع الإنسان تغييرها.

ترجمة الأحاسيس

من أهم ما ورد في الكتاب الحديث عن طبيعة علاقة المشاعر بالدماغ، وكيفية ترجمة الأحاسيس، وقيام الدماغ بإدارة عمليات الجسم، والعلاقة بين الأحاسيس الجسدية، والطريقة التي يرى بها الشخص العالم، والفرق بين العاطفة والمشاعر، ودورها في مراقبة العمليات الداخلية، والخبرات السابقة للشخص.

تؤكد ليزا فيلدمان أن المشاعر ليست لغة عالمية، بمعنى أن طريقة التعبير عن المشاعر، التي يستخدمها الأشخاص، لوصف مشاعرهم لا تتشابه في جميع اللغات والمجتمعات، لأن طرق التعبير، التي يستخدمها الناس لوصف مشاعرهم، تختلف من مجتمع لآخر، ومن بلد لآخر.

عكس ما يعتقد العديد من الأشخاص الذين يقولون إن هناك أجزاءً معينة في الدماغ مسؤولة عن إنتاج المشاعر عند الإنسان، فإن جميع أجزاء الدماغ لها دور أساسي في إنتاج المشاعر، وأثبتت ليزا ذلك من خلال إجراء العديد من الأبحاث، التي أكدت أن الدماغ بأكمله مسؤول عن إنتاج المشاعر.

أحد أهم الأسباب التي يستخدمها الدماغ لإدارة عمليات الجسم تكمن في التوقع، حيث إننا في الغالب نتعلم المهارات لأول مرة، ثم يقوم الدماغ بعد ذلك بتكرار ما تعلمناه، فعندما يتوقع الدماغ وجود خطر ما، فإنه لا ينتظر حدوثه، كي يستعد له، لكنه يقوم بدفع الجسم للاستعداد بغض النظر عن وجود الخطر.

ترى الكاتبة أن النوم المريح، ونسبة السكر في جسمنا، أو شعورنا بالارتياح، تؤثر في الطريقة التي نرى بها العالم، حيث تتوقف رؤية الشخص للعالم - سواء كان سعيداً أو كئيباً - على ذلك، وتدعى هذه الظاهرة باسم «الواقع العاطفي»، حيث أكد العديد من الأبحاث أن مؤشر سعادة الأشخاص، يسجل أعلى معدلات الارتفاع في الأيام المشمسة، أكثر من الأيام الممطرة.

حرصت الكاتبة على أن تلقي الضوء على الفرق بين العاطفة والمشاعر، فالعاطفة هي الشعور الجسدي الذي يشعر به الأشخاص، من نشاط مثل الكسل أوالتوتر أو الانتعاش، كما أن العاطفة تمثل مؤشراً مستمراً للعمليات داخل الإنسان، لكنها ليست في حد ذاتها مشاعر.

وعلى أساس ما ذكرته الكاتبة، لا تعد العاطفة مشاعر، لكنها عبارة عن أداة يستخدمها الدماغ لإنتاج، والتنبؤ بمشاعر الأشخاص، فالعاطفة البشرية تعتمد بشكل كبير على الإدراك الداخلي للإنسان، كما أكد العديد من الباحثين أن العاطفة تظهر مبكراً عند ولادة الإنسان، وتستمر معه حتى مماته.

ضبط العواطف

تدعو الكاتبة إلى أن يتعلم الشخص كيف يصف مشاعره، حيث ذكرت أن الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على وصف مشاعرهم، هم الأكثر قدرة على التعامل مع مشاعرهم ومشاعر الآخرين، وفي دراسات أجراها بعض الباحثين أن هؤلاء الأشخاص أقل ذهاباً إلى المستشفيات.

ويساعد التحدث مع الآخرين في ضبط الحالة العاطفية، فمن جهة الكلام مع الآخرين يشعر الشخص بالدعم وعدم الشعور بالوحدة في مواجهة المصاعب، ومن جهة أخرى يساعد الحديث مع الأصحاب والأقارب على رؤية المشاكل بحجمها الواقعي، كما أن ممارسة الرياضة والحفاظ على قسط كافٍ من النوم والأكل جيداً يساعد على ضبط الحالة العاطفية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4zcysnk2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"