عادي
ينجذبون إلى عالم الأفكار والمشاعر الداخلية

سوزان كين: نصف الأمريكيين شخصيات انطوائية

23:33 مساء
قراءة 3 دقائق
سوزان كين

القاهرة: «الخليج»
تجسد «سوزان كين» قوتها الخاصة الهادئة، في كتابها «الهدوء.. قوة الانطوائيين في عالم لا يتوقف عن الكلام» (ترجمة عماد إبراهيم عبده) وهو كتاب مكتوب بطريقة رائعة، وتعتبر قراءته أمراً غاية في السهولة، إن المؤلفة تجلب أبحاثاً مهمة وخبرات شخصية مؤلمة تحت الضوء، ما يؤدي إلى تعميق استيعابنا للتجربة الانطوائية بشكل كبير.

تقول كين: كنت أعمل على هذا الكتاب بشكل رسمي منذ 2005 وبشكل غير رسمي طوال فترة ما بعد البلوغ، لقد تحدثت وكتبت لمئات، وربما لآلاف الأشخاص عن مواضيع شتى، وقرأت القدر ذاته من الكتب والأوراق ومناقشات غرف الدردشة والتدوينات.

كان الشعراء والفلاسفة يفكرون بشأن الانطوائيين والانبساطيين، منذ فجر التاريخ المسجل، ويظهر هذان النوعان من البشر في كتابات الأطباء اليونانيين والرومانيين، ويقول بعض علماء النفس إن تاريخ هذين النوعين يرجع إلى الوراء: «فمملكة الحيوان تحتوي كذلك على الانطوائيين والانبساطيين، بدءاً من ذبابة الفاكهة إلى السمكة النهرية، فبدون نمطي الشخصية، من المستحيل التعرف إلى الإنسانية».

يعتبر «الهدوء» كتاب تحرر من الأفكار القديمة عن الانطوائيين، إن ذكاء كين وتقديرها للبحث، يضع كتابها ضمن فئة النخبة، من أسياد الكتابات النفسية الواقعية، إنها تقدم نموذجاً معرفياً جديداً، وتقوم بإثبات أننا نهدر إمكانات هائلة من المواهب والرؤى بسبب تقدير ثقافتنا المفرط للانبساطية.

توضح كين أن الأمريكيين يرون أنهم «أمة من الانبساطيين» واعتماداً على أي دراسة فإن نصف الأمريكيين هم انطوائيون، وهنا تقول المؤلفة إن هذه الإحصائيات تعود إلى أن كثيرين يتظاهرون بأنهم انبساطيون، كما أن الانطوائيين لا يلاحظون في ساحات اللعب، وفي غرف تغيير الملابس، وفي أروقة الشركات الكبرى بأمريكا.

وترى كين أنه من المنطقي أن كثيرين من الانطوائيين يتوارون حتى من أنفسهم، والاعتقاد الموجود في كل مكان هو أن الذات المثالية هي اجتماعية وقوية، وتشعر بالارتياح عندما تكون في دائرة الضوء، إن المثل الأعلى الانبساطي النموذجي يفضل العمل على التأمل، والمخاطرة على الإصغاء والانتباه، واليقين على الشك، إنه يؤيد القرارات السريعة حتى مع خطر أن تكون خاطئة، إنها تعمل بشكل جيد في فرق وتتفاعل اجتماعياً في مجموعات. يكشف كتاب «الهدوء» عن أن الكثير من أهم مؤسسات الحياة المعاصرة مصممة لأولئك الذين يستمتعون بمشاريع جماعية وبمستويات مرتفعة من التنبيه، وعندما نكون أطفالاً يتم ترتيب مقاعدنا صفاً بخطوط مستقيمة، وتشير الأبحاث إلى أن الغالبية العظمى من المعلمين يعتقدون أن الطالب المثالي هو شخص انبساطي.

وترى المؤلفة: عندما نصبح كباراً، يعمل الكثير منا لصالح منظمات تصر على أن نعمل في فرق، في مكاتب بدون جدران، ولصالح مشرفين يقدرون مهارات الناس، أكثر من أي شيء آخر، ولتعزيز حياتنا المهنية يتوقع منا أن نروج لأنفسنا بدون خجل، فالعلماء الذين يتم تمويل بحثهم غالباً ما يتمتعون بشخصية واثقة، ربما ثقة مفرطة بنفسها.

الانطوائية والانبساطية

يكتب أحد أعضاء قائمة بريد إلكتروني تدعى انعزال الانطوائي: «جميع التعليقات من فترة الطفولة لا يزال صداها يتردد في أذني، إنني كنت كسولاً وغبياً وبطيئاً ومملاً، وبحلول الوقت اكتشفت أنني كنت ببساطة انطوائياً، لقد كان ذلك جزءاً من كياني، افترض أن هناك شيئاً ما، لديّ خطأ بصورة متأصلة، أتمنى لو بإمكاني اكتشاف تلك العلامة الصغيرة من الشك والتخلص منها».

عندما كتبت «كين» هذا الكتاب كانت مشغولة بمعرفة كيف يفرق الباحثون بين الانطوائية والانبساطية، وكان «يونج» قد نشر عام 1921 كتابه «الأنماط النفسية» وقال إن الانطوائيين ينجذبون إلى عالم الأفكار والمشاعر الداخلية، وينجذب الانبساطيون إلى حياة الناس والأنشطة الخارجية.

ويميل علماء النفس إلى عدة نقاط على سبيل المثال، منها أن الانطوائيين والانبساطيين يختلفون في مستوى التنبيه الخارجي، الذي يحتاجون إليه للعمل بشكل جيد، ويتفق العديد من علماء النفس بأن الانطوائيين والانبساطيين يعملون بشكل مختلف، حيث يميل الانبساطيون إلى معالجة المهام الموكولة إليهم بسرعة، ويتخذون قرارات سريعة وأحياناً متهورة، ويشعرون بالراحة بالقيام بمهام متعددة وبالمخاطرة، من أجل الحصول على جوائز مثل المال والمكانة.

ويعمل الانطوائيون غالباً بشكل متروٍّ، إنهم يحبون التركيز على مهمة واحدة في كل مرة، ولديهم قدرات هائلة في التركيز، إنهم محصنون ضد إغراءات الشهرة والثروة، وهم ليسوا بالضرورة خجولين، فالخجل هو الخوف من الرفض الاجتماعي أو الإذلال، في حين أن الانطوائية هي تفضيل البيئات، التي لا تكون مفرطة النشاط، والخجل أمر مؤلم بطبيعته، لكن الانطوائية ليست كذلك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc5ks5fn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"