عادي
لا معنى للنصر عن طريق التضحية بملايين البشر

الحرب العالمية الرابعة.. من أين يبدأ الصراع؟

22:58 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

أصدر مركز المحروسة للنشر والمعلومات، كتاب المفكر الإيطالي ألبيرتو ليوني، وعنوانه «الحرب العالمية الرابعة.. البداية والأحداث»، حيث يؤكد الكتاب أن أحد الأوجه المقيتة للحرب يظل دائماً هو: الماكرون يمكثون في بيوتهم، ويستغلون النصر الذي يحققه المحاربون، ومع ذلك، في كل مرة يرمي أصحاب النوايا الحسنة بأنفسهم في التهلكة، فيلقون بأنفسهم على ساحل نورماندي، أو بيت من بيوت ستالينغراد، ليموتوا كأبطال، حتى يصبح للأجيال القادمة فرصة في الحياة، وهذا الكتاب مملوء بالأبطال، من الرجال والنساء.

أحد أهداف الكتاب: التعريف بوجوه من يعيشون الحرب في الخطوط الأولى، والتراجع عن النظر للمشاكل الدولية من أعلى، والنزول إلى الطين، والدم الذي يغطي هذه السنوات الفظيعة، لنعلم بشكل أكثر قليلاً، كيف يمكن للمرء أن يعيش، وما طبيعة التضحية الشخصية؟

ليس من الممكن أن نتمنى في داخلنا نصراً يأتي عن طريق التضحية بحياة ملايين البشر، كما حدث في الحربين العالميتين، الأولى والثانية، فمن الأفضل اتّباع أسطورة النصر غير الدموي، الذي أصبح حقيقة واقعة في عام 1989 ويقصد المؤلف نهاية الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفييتي، والكتلة الشرقية.

والأمر، كما يرى، يستحق العناء في دراسة هذه النقطة الأخيرة لمعرفة من أين يبدأ الصراع الحالي، أو وصف – باختصار شديد – الحرب العالمية الثالثة، وهي الحرب الأوسع من الناحية الجغرافية في تاريخ البشرية، فالجبهات تم رسمها بنظرية الاحتواء (تلك المذكورة في برقية مهندس الحرب الباردة جورج كينان الطويلة)، والعدوانية الشيوعية التي تخللتها فترات طويلة من المفاوضات.

يشير المؤلف إلى أن أول قطرة دم أريقت كانت في اليونان عام 1944 عندما تدخل الإنجليز إلى جانب الملكيين ضد الشيوعيين، الذين حاولوا الاستيلاء على السلطة، كان ذلك انتصاراً للغرب، تم الرد عليه فوراً بانتصار ماوتسي تونغ في الصين عام 1949، وعلى خريطة العالم، اندلعت حروب وتحركات دبلوماسية مفاجئة، وفي الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول عام 1979 كانت القوات الخاصة السوفييتية تستولي على مطار كابول، وتبدأ غزو أفغانستان، عبر حرب سوف تستمر عشر سنوات، وتسهم في سقوط الاتحاد السوفييتي.

ويرى المؤلف أن الحرب على الصعيد الأوروبي تم كسبها من دون إطلاق رصاصة واحدة، وبقيت باردة، بصرف النظر عن الإرهاب. ولكون أن مصطلح «الحرب العالمية الثالثة» يستخدم في الولايات المتحدة، ولا يستخدم في أوروبا، ليس بالأمر البسيط، فالحرب بالنسبة للأوروبيين ربما كانت باردة لأنها لم تندلع في صدام تقليدي شامل، ومع ذلك، إذا سلّمنا بأنه توجد حرب غير متكافئة، وأنه يمكن تحويل السياسة (والثقافة) إلى استمرار الحرب بوسائل أخرى.

سيناريوهات

أمام قوى هائلة بدأت بالتحرك في السنوات الأخيرة، حتى الحرب ضد الإرهاب يمكن أن تبدو مسرحاً ثانوياً للحرب، فإنه من الصعب والمحرج دائماً افتراض سيناريوهات لصراع عالمي، لكن من الجيد أن نتذكر أن الحرب العالمية الأولى بدأت في سراييفو، والثانية في جدانسك، وهي مدينة – كما يرى المؤلف – كانت أهميتها مضحكة، مقارنة بالحرب التي اندلعت في السنوات التالية، لقد كتبت صحيفة فرنسية في عام 1939: «أنْ تموت من أجل غدانسك؟»، ولم يكن بإمكان أحد أن يتوقع ستالينغراد، أو إنزال نورماندي، أو هيروشيما.

ويشير المؤلف إلى أن بعض التحالفات تتم الآن بالفعل، يمكن أن تبدأ من قطاع غزة، أو جنوب لبنان، لكن حكومات الولايات المتحدة وسوريا وإيران، ليس لديها إجماع داخلي كاف لدعم اندلاع حرب كبيرة، ولن تكون الحرب التي ستندلع قصيرة الأجل، بل على العكس، ستنتهي بإشراك الغرب أيضاً على الجبهة الداخلية، حرباً شاقة، حرب استنزاف، لن يكون فيها الجيش النظامي كافياً وسيتوجب اللجوء إلى التجنيد الإجباري، وأي شخص زار مقبرة الحرب الأمريكية في كولفيل سورمير، أمام شواطئ نورماندي – كما يقول المؤلف – سوف يرى قبور ما يقرب من 10 آلاف جندي أمريكي، ماتوا على تلك الجبهة، وهو رقم يعادل 3 أضعاف عدد القتلى الذين سقطوا في العراق.

كتب المؤلف كتابه هذا قبل أن تندلع الحرب الروسية – الأوكرانية، لكنه ينهي رؤيته قائلاً: «ومع ذلك، لا شيء يمكن حقاً أن يدفعنا لليأس طالما أننا ندرك ما يمثله عالمنا، وما يريد أن يكون عليه، بكل شرّه وتناقضاته، لكن أيضاً بالحرية الهائلة للنقد والنقد الذاتي، وبما أن عملية إعادة إحياء هذا الضمير تستغرق وقتاً طويلاً، مثل أي معركة ثقافية، فمن الضروري كسب الوقت وتجنب الوصول قبل الأوان إلى ذلك الصراع الضخم، الصراع الذي ينطوي على خسائر وتضحيات لا يمكن تصورها، والذي ستكون نتيجته مفروغاً منها في ظل الظروف الحالية من الدناءة الأخلاقية والسياسية التي يمر بها الغرب اليوم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/555ubrbr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"