عادي

ظل الانهيار الكبير في 1929 يمتد حتى الآن

15:34 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: الخليج

العلاقة الأساسية بين الانهيار الكبير 1929 والأزمة المالية الكبرى 2008 تكمن في الاعتقاد بأن المغامرة يمكن أن تعد بمكافآت غير محدودة، كما أن وجود سوق صاعدة يستطيع أن يظل شاهداً على واقعية الثراء، وهذا بدوره يمكن أن يجذب المزيد والمزيد من الناس للمشاركة، إن أساليب الوقاية والضوابط الحكومية جاهزة، وعندما تكون في يد حكومة حازمة، فلا سبيل للتشكيك في فاعليتها، ومع ذلك يوجد مئة سبب يجعل الحكومة تصر على عدم استخدامها.

في الحالتين كانت الحكومة الأمريكية تعرف ما عليها فعله، وفي الحالتين رفضت القيام به في صيف 1929 كانت هناك تحذيرات صارمة مقبلة من أعلى، وارتفاع سعر الخصم، والتحقيقات الصارمة حول المخططات الاستثمارية الهائلة في ذلك الوقت، وقصور الرمال في وول ستريت التي كان لابد من هدمها قبل أن يدمر سقوطها الاقتصاد في مجمله.

وفي سنة 2004 حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي علانية من وباء من الاحتيال العقاري، لكن الحكومة الأمريكية لم تفعل شيئاً، ربما أقل من اللاشيء موفرة – على العكس – أسعار فائدة منخفضة، وتحرراً من الضوابط، وإشارات واضحة إلى أن القوانين لن تطبق، وكان هذا بمنزلة إلقاء البنزين على النار.

هذا ما يؤكد عليه جون كينيث جالبريث في كتابه «الانهيار الكبير 1929» ترجمه إلى العربية حمدي أبو كيلة، موضحاً أن مبدأ جرينسبان (نسبة إلى الاقتصادي الأمريكي آلان جرينسبان الذي شغل منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بين 1987 و2006) يقضي بأن الأزمات لا يمكن منعها، حيث إن وظيفة الحكومات هي إزالة آثارها بعد وقوعها، وهكذا كانت ممارسة مبدأ جرينسبان تؤدي إلى خلق أزمة بعد أخرى حتى أدت في النهاية إلى أزمة من الاتساع، لدرجة أنها دمرت النظام في سياقها.

نشر هذا الكتاب للمرة الأولى عام 1955 وظل يطبع باستمرار، وهذا يعطيه نوعاً من الجدارة، لكن لسوء الطالع هناك سبب آخر للاستمرارية، فكلما كان الكتاب يوشك على النفاد من منافذ البيع، كانت نوبة مضاربة أخرى– فقاعة أخرى أو محنة تالية- تثير الاضطراب في أسعار الفائدة على مدى التاريخ الحديث لحالات الرواج والانهيار الكبرى، مما يؤدي إلى كساد لا يرحم.

يرى المؤلف أن أحد توابع تلك النوبات كان أن الكتاب يعود ليخرج من المطابع من جديد، كان هناك رواج بسيط في سوق الأوراق المالية في ربيع 1955، وقد أدى خبل التمويل الخارجي في السبعينيات والإفلاس الكبير في 1979 وهي نوبات أو مخاوف أقل درامية، إلى لفت الانتباه من جديد إلى 1929، وإلى عودة الكتاب إلى المطابع.

من الواضح – كما يقول - أننا نشهد حالة بالغة من الإنفاق السفيه على المضاربة، وهناك أموال تتدفق على سوق المال أكثر بكثير مما يوجد من الذكاء المطلوب لتوجيهها، وهناك صناديق مشتركة أكثر بكثير مما يوجد من الرجال والنساء ذوي النظرة الثاقبة، والواعين تاريخياً واللازمين لإدارة تلك الصناديق.

نحن أمام عملية أساسية ومتكررة، وهي تأتي مصحوبة بالأسعار المرتفعة، سواء أسعار الأوراق المالية، أو أسعار العقارات أو الأعمال الفنية، أو أي شيء آخر، هذه الزيادة تجذب انتباه المستثمرين، ما يؤدي إلى تأثير إضافي متمثل في زيادة ارتفاع الأسعار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2brcs8e7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"