مبادرات إماراتية لتلبية الاحتياجات السكنية

21:45 مساء
قراءة 4 دقائق

أيمن يوسف *

أصبحت عملية إتاحة السكن بأسعار معقولة إحدى أهم الأولويات منذ أن أعلنت الحكومة في الإمارات إطلاق برنامج الشيخ زايد للإسكان في 1999. ومع ذلك، ظل تعريف مصطلح «بأسعار معقولة أو في متناول اليد» غير واضح تماماً، واختلف من فرد لآخر، حتى إعلان سمو الشيخ حمدان بن محمد، ولي عهد دبي، عن مسابقة عالمية يتم فيها دعوة مختلف الشركات العالمية في مجال العمارة والتصميم لتقديم تصاميمهم للمنازل الذكية التي يُمكن للأسر الحصول عليها عن طريق تمويل عقاري يبلغ مليون درهم. وتأتي هذه المبادرة في وقت شهد زيادة في متوسط أسعار البيع بنسبة تزيد على 10%، وزيادة بلغت 27% في أسعار التأجير، وحفزت تلك المبادرة نقاشاً جديداً حول مبدأ السكن ذي الأسعار المعقولة وأهميته. وبينما لا يزال الأمر في مراحله الأولى في المنطقة، فإن توفير المساكن بأسعار معقولة يشهد تزايداً ملحوظاً في الاهتمام به، خاصة وهو يُمثل فائدة كبيرة بالنسبة لشريحة واسعة جداً من السكان. وبدأت العديد من الشركات العاملة في التطوير العقاري في العمل على تطوير مشاريع بأسعار معقولة مع توفير مساكن مُبتكرة وحديثة في نفس الوقت.

ولا يُمكن تسليط الضوء على الإسكان ذي الأسعار المعقولة بما في الكفاية؛ لأن القدرة التنافسية للدولة والنجاح الاقتصادي يعتمدان على كفاءة ما تحققه الإمارات. وتعتبر الجودة والتوافر والأسعار التي تكون في متناول اليد من العوامل الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بتعريف الإسكان كعامل رئيسي في القدرة التنافسية الاقتصادية للإمارات.

لماذا يُعتبر السعر المعقول أحد الأمور المهمة في قطاع الإسكان؟ مع الأخذ في عين الاعتبار التنوع الكبير في السكان وطبيعة متطلبات الإسكان، هناك حاجة لعقارات بمختلف الأسعار لتتماشى مع مختلف فئات الدخل الخاصة بالسكان. وعندما تصبح أسعار الإسكان بعيدة عن متناول اليد، يكون لهذا تأثير سلبي على سوق العقارات، والذي قد ينعكس كذلك على الاقتصاد بشكل عام، أو يتسبب في اضطرابات في الاقتصاد الإماراتي. ومن منظور وطني، فإن توافر المساكن بأسعار معقولة هو أحد أهم المؤشرات لتوازن النمو في الدولة. وتكثّف حكومة الإمارات جهودها لتوفير الإسكان بأسعار معقولة للمواطنين، حتى يتماشى الرضا عن الحياة وتأثيرات الثروة على السكان بسبب الاستقرار. ومما لا شك فيه، يُسهم هذا أيضاً في تعزيز الوصول لأنماط حياة ورعاية صحية وتعليم وسلامة عقلية ونفسية أفضل لكل السكان.

كان توفير الإسكان ذي الأسعار المعقولة هو مهمة الحكومة في الإمارات لعقود طويلة، ولكن مؤخراً بدأ القطاع الخاص كذلك في الدخول في هذا السوق من خلال تقديم وحدات لشرائح السكان الأقل دخلاً. وتقدّم المبادرات التي تقودها الحكومة في دولة الإمارات - مثل مؤسسة محمد بن راشد للإسكان - قروضاً بفوائد منخفضة للحصول على منازل، وخيارات التأجير من أجل الملكية، فضلاً عن الشراكات مع القطاع الخاص لتقديم حلول إسكان تلبي متطلبات كافة السكان باختلاف دخلهم. في حين أن نظام الإسكان الذكي في دبي يُبسط العملية لخفض العقبات الإدارية حتى تُسهم في إنشاء نظام مدن ذكية شامل. وتقدّم الإمارات مثالاً يحتذى به عن طريق العديد من المفاهيم المُبتكرة، مثل الاستئجار من أجل التملك، وبرامج الملكية المشتركة، والقروض التي يحصل عليها الناس من أجل شراء منازل أو تجديد بيوتهم، مع ضمان أن كل الناس تتمتع بفوائد العيش والازدهار في إحدى دول العالم الأول المتقدمة اقتصادياً. وتلعب مؤسسة التنظيم العقاري التابعة لدائرة الأراضي والأملاك في دبي دوراً مهماً كذلك في تعزيز وتطوير السياسات والقوانين؛ لضمان الحماية القانونية الكاملة لتلك المبادرات والمفاهيم.

يشهد التوجه المتزايد في العرض والطلب على الإسكان ذي الأسعار المعقولة إقبالاً كبيراً من الجمهور المستهدف الذي حصل على المرونة اللازمة في الشروط والأحكام. وشجعت برامج الملكية المُبتكرة والحلول التمويلية الفريدة العديد من شركات القطاع الخاص مثل «إعمار» و«الدار» و«ماجد الفطيم» في الدخول في هذا القطاع، من خلال تقديم حلول بأسعار في متناول اليد بجانب العقارات الفاخرة التي يقدمونها. من خلال زيادة ما تقدمه من وحدات، عملت «إعمار ساوث» على الاعتماد على أسلوب المجتمعات المُتكاملة؛ لضمان أن السكان باختلاف دخلهم يستفيدون من المرافق والمناطق المختلفة، مما يُسهم في خلق مجتمع يتّسم بالتماسك والتكامل. أما بالنسبة لمشروع «نويا» لشركة «الدار» في أبوظبي، فهو يعتمد على المساحات الخضراء والمراكز المجتمعية والتصاميم المستدامة؛ للتأكيد على التزام الشركة بتقديم تجارب حياة شاملة. ويركز مشروع «إيلان» التابع لشركة ماجد الفطيم على جودة الحياة، مع تركيز شديد على القدرة على المشي من مكان لآخر بداخل المشروع، والاتصال وسهولة الوصول للخدمات الأساسية. وفي المجمل، يبدو أن القطاع الخاص قد بدأ في جعل استراتيجياته تتسق مع رؤية الإمارات لتقديم حياة شاملة ومميزة مع مرافق ووحدات عصرية. شهدت الإمارات خلال السنوات الماضية تغيرات ملحوظة في هذه التوجهات، وبالرغم من أن العديد من الأحياء السكنية في الإمارات وفي دُبي على وجه الخصوص قد شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، ظلت بعض المناطق في الاستمرار في توفير خيارات مميزة لمتوسطي ومنخفضي الدخل في الإمارات.

ولذلك يتطلب توفير إسكان معقول السعر وفي متناول اليد التعاون وتضافر جهود مختلف الجهات والهيئات وكل الأطراف المعنية لتحقيق هذه الغاية المنشودة.

* المدير الإداري لشركة «كولدويل بانكر» الإمارات

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4xaddcx3

عن الكاتب

المدير الإداري لشركة «كولدويل بانكر» الإمارات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"